זהות האמן הפלסטיני
Below are share buttons

ذاتية الفنّان الفلسطينيّ – قراءة نقديّة

عدد 06,

صدر كتاب فريد أبو شقرة “ذاتية الفنان الفلسطيني: ما بين التراث، الثقافات، والحداثة والعولمة” في العام 2015 عن صالة العرض والفنون أمّ الفحم.

هذا الكتاب كتالوجيٌّ وضخم ومشوّق جدًّا، ويشمل أعمالًا فنّيّة جميلة وخلّابة، وهو ملفّ متميّز ونادر للفنّ الفلسطينيّ المعاصر. صدر الكتاب باللغات العربيّة والعبريّة والإنجليزيّة، لكن كانت اللغة العربيّة هي السبّاقة فيه. وهذا الأمر قد يبدو من نوافل القول، إلّا أنّ الكثير من الإصدارات التي تتناول المجتمع العربيّ- الفلسطينيّ تهيمن عليها اللغة العبريّة، أو أنّ العربيّة فيها تترجم من اللغة العبريّة. القرار المبدئيّ حول هذا الكتاب يشدّد على أهدافه العامّة التي تسعى للتواصل مع دوائر الانتماء العامة والكونيّة، لكنّه يشدّد كذلك على الهُويّة العربيّة الفلسطينيّة التي ترسّخ مَواضع انطلاقه.

يشير الكاتب إلى فضاء الفنان الفلسطينيّ المشبع بالتوتّر عبْر ثنائيّات الهُويّة الفلسطينيّة- التقاليد والثقافة، والحداثة والعَلْمَنة.

في هذا الكتاب، يضع فريد أبو شقرة (الفنّان المتعدد المجالات والمشارب؛ فهو أديب، وباحث ومنظِّم معارض، ومدرِّس للفنون) يضع أسس دراسة تطوّر الفنّ الفلسطينيّ، ويراجع الكيفيّة التي تتعامل فيها الحداثة في المجتمع الفلسطينيّ مع الماضي، ونوعيّة وجودة العلاقة بين الاثنين. وعلى المحور ذاته، يرى أبو شقرة العَوْلَمةَ قدَرًا منزلًا، لكنّه يعرض علينا في خضمّ مناقشة هذا المفهوم أن نتقبّله كما هو، لأنّه يؤمن أنّ هذا الفعل يمكّننا من إعادة صياغتها كعَوْلَمة متعدّدة الأوجه تتكيّف مع الثقافة والمجتمع العربيَّيْن، لا بل تشبههما. ويدّعي أبو شقرة أنّ على الفنّانين العرب أن يسعوا لصبّ فكَرِهم وتصوُّراتهم في أعمالهم الفنّيّة عبْر التحاور والتراسل مع العَوْلَمة، مع المحافظة في الوقت ذاته على موروثهم وثقافتهم.

الفنّان الفلسطينيّ عبر صفحات هذا الكتاب يبدو منغمسًا -دونما انقطاع- في التراسل والتواصل مع التقاليد والأعراف المتنوّعة من حوله، ساعيًا من خلال ذلك إلى إضفاء المشروعيّة على حضارته هو. يعتقد أبو شقرة أنّ المراسلات الثقافيّة التي تدور في إطار مثلّث الحداثة والقديم والعَوْلَمة تشكّل خلفيّة تصميميّة لنشاط الفنّانين الفلسطينيّين المدرجين في هذا الكتاب. يستعرض الكاتب -في ما يستعرض- نزعة التَّمَغْرُب (التَّفَرْنُج) التي سادت في أوساط الكثير من الفنّانين، وخلقت عزلة بين الفنّان وجمهور المستهلكين المحلّيّ، الذي تعامل مع فكرة “التَّفَرْنُج” كمسار يروّج له من قبل حاكم أجنبيّ. هذا الفن الغربيّ لم يمثّل بالنسبة للفلسطينيّين أيّ علاقة مع بيئتهم ومع محيطهم، ولم يخلق تواصلًا مع جذورهم، وهذا ما حال بين الجمهور العربيّ وارتياد المتاحف وصالات العرض على امتداد سنين طويلة. عندما بدأت محاولات العودة إلى جذور الفنّ العربيّ وتقاليده، عاد الجمهور العربيّ ليرتاد قاعات الفنون. التوق للأصالة الهُويّاتيّة التي نبعت من هذه الأعمال الفنّيّة يجسّد الإحساس بالانتماء السياسيّ والإنسانيّ. وهكذا -على قاعدة الهُويّة ومن خلال الانتقال إلى أعمال فنّيّة تربط الحداثة بالجذور- تمكّن الفنّانون الفلسطينيّون من ربط الجمهور بفنّهم. الربط الذي يخلقه أبو شقرة بين الفنّ وسؤال الهُويّة يدفع إلى مركز مؤلَّفِهِ المستوياتِ المركّبةَ التي واجهها الفنّانون الفلسطينيّون على ضوء الواقع الذي عملوا في فضائه، بمثولهم أمام نزعات ثقافيّة متنوّعة، ومقابل الجمهور العربيّ الفلسطينيّ.

من خلال الإقرار بالعزل القائم بين المجتمعات الفلسطينيّة المختلفة والتصدّعات الفلسطينيّة الأخرى التي يستعرضها أبو شقرة في مستهلّ كتابه، يطلق الكاتب دعوة مهمّة تتمثّل في خلق فضاء فلسطينيّ ثقافيّ شامل يضمّ تحت سقفه مُجْمَل التجمّعات الفلسطينيّة في جميع أماكن التواجد: الفلسطينيّين سكّان إسرائيل، والفلسطينيّين الذين يعيشون في مناطق السلطة الفلسطينيّة (قِطاع غزّة والضفّة الغربيّة)، والفلسطينيّين الذين يعيشون في الشتات خارج وطنهم، بمن في ذلك الفلسطينيّون الذين أُرغِموا على العيش في مخيّمات اللجوء، والفلسطينيّون الذين هاجروا إلى الغرب قبل حرب العام 1948 وبعدها. لا مناص -بحسب أقوال الكاتب- من خلق فضاء ثقافيّ مشترَك يتمكّن الفلسطينيّون من خلاله أن يحدّدوا لأنفسهم هُويّة قوميّة واجتماعيّة. في الفضاء المُعَوْلَم الجديد الذي تولّد في العقود الأخيرة، يجب على الفلسطينيين -بحسب أقوال الكاتب- أن يدركوا أنّ فصل التقوقع في داخل هُويّات فرديّة ومعزولة قد ولّى. الادّعاء المركزيّ الذي يطرحه الكاتب هو أنّ الصالح العامّ الثقافيّ الفلسطينيّ، ومصالح كلّ واحد من التجمّعات الفلسطينيّة (مواطني إسرائيل، ومَن يرزحون تحت نير الاحتلال، ومن يعيشون في الشتات) هي مصالح مشتركة، لذا يجب عليهم العمل معًا بلغة فنّيّة وثقافيّة واحدة.

أشرف فواخري WELCOME HOME 1998 – تصوير تسفيكا روجر
الحقوق محفوظة لبيت الكرمة، المركز الثقافي العربي اليهودي ، حيفا

ثمّة علامة فارقة مشترَكة للفنّانين المدْرَجين في هذا الكتاب، ألا وهي التعبير عن الهُويّة الوطنيّة الفلسطينيّة بواسطة الرموز والعناصر التهكّمية، والسياقات الاجتماعيّة والسياسيّة الفلسطينيّة. يمثّل هؤلاء الفنّانون التغيُّرات التي طرأت على المشهد الثقافيّ الفلسطينيّ عبْر السنوات، وتطرح الأعمال الفنّيّة المدْرجة في الكتاب أسئلة كثيرة تستوجب نقاشًا معمّقًا حول قراءة أبو شقرة للفنّ الفلسطينيّ، وحول قراءتنا نحن لكتابه.

تجدر الإشارة على نحوٍ خاصّ إلى قضيّة الأرض، وهي إحدى القضايا التي يتناولها الكتاب، حيث يعالج مسألة الأراضي الفلسطينيّة والنضال من أجل الإنسان مقابل النضال من أجل الأرض، أو كنضال مكمِّل له. يقوم الفنّانون الفلسطينيّون في هذا الكتاب بتناول قضايا مختلفة من زوايا متنوّعة، وتتراسل إبداعاتهم الفنّيّة مع قضايا تتعلّق بأحداث حصلت في الماضي وما زالت تتواصل حتّى يومنا هذا، بما في ذلك النكبة الفلسطينيّة، وقضايا معاصرة تُلامِس الحياةَ الفلسطينيّة في هذه الحقبة التي تقع عرضة لتأثيرات العَوْلَمة. يُدْرِج الكتاب بين صفحاته أعمال العديد من الفنّانين، ومنهم أسد عزّي ومنار زعبي وأنيسة أشقر وعبد عابدي وأشرف فواخري. يبدو لنا أنّ الكثير من “تشخيصات” أبو شقرة تتبدّى في أعمال أشرف فواخري. على سبيل المثال، يتفاعل فواخري في أعماله مع الواقع الإسرائيليّ- الفلسطينيّ المركّب عبر تمثيل حقيقيّ لفكرة الثنائيّة: القديم مقابل الجديد؛ الحديث مقابل التقليديّ؛ المعاصر مقابل ذاك الذي يرتكز على التراث. مقولاته السياسيّة الثاقبة ومشاهَداته المركَّبة لموقع الفلسطينيّين هي من الخصائص البارزة للكتاب، ويمكن الاستدلال على ذلك من خلال العمل المُدْرَج هنا “بن غوريون 1”.

في الختام، لا بدّ من القول إنّ هذا الكتاب هو ثمرة عمل شامل ومهمّ ومشوّق، نجح أبو شقرة من خلاله في التوقّف عند خصوصيّة وخصائص الفنّ الفلسطينيّ المتجدّد والنامي من قلب مكوّنات هُويّة ما انفكّت هي كذلك تخضع لتحوُّلات مختلفة. هذا الكتاب ضروريّ لمحفل المهتمّين بالفنّ الفلسطينيّ وبالهُويّة الفلسطينيّة وبالروابط فيما بينهما.

ترجم المقال عن العبرية جلال حسن

د. يوني مندل هو مدير مركز منارات للعلاقات اليهودية العربية، وعضو هيئة تحرير مجلة منبرفان لير للنقاش والبحث حول الفلسطينيين واليهود في اسرائيل، ومحرر زاوية الكتب لمجلة دراسات الليفانت والصادرة باللغة الإنجليزية (JLS).

غال كرامارسكي هي مساعدة أبحاث ومشاريع في مركز منارات للعلاقات اليهودية العربية. مقبلة على نهاية تعليمها الجامعي وحصولها على اللقب الأول في الدراسات الاسلامية والشرق الأوسط والعلوم السياسية في الجامعة العبرية في القدس.

גל קרמרסקי
,
יוני מנדל

מִנְבַּר

صدر كتاب فريد أبو شقرة “ذاتية الفنان الفلسطيني: ما بين التراث، الثقافات، والحداثة والعولمة” في العام 2015 عن صالة العرض والفنون أمّ الفحم.

هذا الكتاب كتالوجيٌّ وضخم ومشوّق جدًّا، ويشمل أعمالًا فنّيّة جميلة وخلّابة، وهو ملفّ متميّز ونادر للفنّ الفلسطينيّ المعاصر. صدر الكتاب باللغات العربيّة والعبريّة والإنجليزيّة، لكن كانت اللغة العربيّة هي السبّاقة فيه. وهذا الأمر قد يبدو من نوافل القول، إلّا أنّ الكثير من الإصدارات التي تتناول المجتمع العربيّ- الفلسطينيّ تهيمن عليها اللغة العبريّة، أو أنّ العربيّة فيها تترجم من اللغة العبريّة. القرار المبدئيّ حول هذا الكتاب يشدّد على أهدافه العامّة التي تسعى للتواصل مع دوائر الانتماء العامة والكونيّة، لكنّه يشدّد كذلك على الهُويّة العربيّة الفلسطينيّة التي ترسّخ مَواضع انطلاقه.

يشير الكاتب إلى فضاء الفنان الفلسطينيّ المشبع بالتوتّر عبْر ثنائيّات الهُويّة الفلسطينيّة- التقاليد والثقافة، والحداثة والعَلْمَنة.

في هذا الكتاب، يضع فريد أبو شقرة (الفنّان المتعدد المجالات والمشارب؛ فهو أديب، وباحث ومنظِّم معارض، ومدرِّس للفنون) يضع أسس دراسة تطوّر الفنّ الفلسطينيّ، ويراجع الكيفيّة التي تتعامل فيها الحداثة في المجتمع الفلسطينيّ مع الماضي، ونوعيّة وجودة العلاقة بين الاثنين. وعلى المحور ذاته، يرى أبو شقرة العَوْلَمةَ قدَرًا منزلًا، لكنّه يعرض علينا في خضمّ مناقشة هذا المفهوم أن نتقبّله كما هو، لأنّه يؤمن أنّ هذا الفعل يمكّننا من إعادة صياغتها كعَوْلَمة متعدّدة الأوجه تتكيّف مع الثقافة والمجتمع العربيَّيْن، لا بل تشبههما. ويدّعي أبو شقرة أنّ على الفنّانين العرب أن يسعوا لصبّ فكَرِهم وتصوُّراتهم في أعمالهم الفنّيّة عبْر التحاور والتراسل مع العَوْلَمة، مع المحافظة في الوقت ذاته على موروثهم وثقافتهم.

الفنّان الفلسطينيّ عبر صفحات هذا الكتاب يبدو منغمسًا -دونما انقطاع- في التراسل والتواصل مع التقاليد والأعراف المتنوّعة من حوله، ساعيًا من خلال ذلك إلى إضفاء المشروعيّة على حضارته هو. يعتقد أبو شقرة أنّ المراسلات الثقافيّة التي تدور في إطار مثلّث الحداثة والقديم والعَوْلَمة تشكّل خلفيّة تصميميّة لنشاط الفنّانين الفلسطينيّين المدرجين في هذا الكتاب. يستعرض الكاتب -في ما يستعرض- نزعة التَّمَغْرُب (التَّفَرْنُج) التي سادت في أوساط الكثير من الفنّانين، وخلقت عزلة بين الفنّان وجمهور المستهلكين المحلّيّ، الذي تعامل مع فكرة “التَّفَرْنُج” كمسار يروّج له من قبل حاكم أجنبيّ. هذا الفن الغربيّ لم يمثّل بالنسبة للفلسطينيّين أيّ علاقة مع بيئتهم ومع محيطهم، ولم يخلق تواصلًا مع جذورهم، وهذا ما حال بين الجمهور العربيّ وارتياد المتاحف وصالات العرض على امتداد سنين طويلة. عندما بدأت محاولات العودة إلى جذور الفنّ العربيّ وتقاليده، عاد الجمهور العربيّ ليرتاد قاعات الفنون. التوق للأصالة الهُويّاتيّة التي نبعت من هذه الأعمال الفنّيّة يجسّد الإحساس بالانتماء السياسيّ والإنسانيّ. وهكذا -على قاعدة الهُويّة ومن خلال الانتقال إلى أعمال فنّيّة تربط الحداثة بالجذور- تمكّن الفنّانون الفلسطينيّون من ربط الجمهور بفنّهم. الربط الذي يخلقه أبو شقرة بين الفنّ وسؤال الهُويّة يدفع إلى مركز مؤلَّفِهِ المستوياتِ المركّبةَ التي واجهها الفنّانون الفلسطينيّون على ضوء الواقع الذي عملوا في فضائه، بمثولهم أمام نزعات ثقافيّة متنوّعة، ومقابل الجمهور العربيّ الفلسطينيّ.

من خلال الإقرار بالعزل القائم بين المجتمعات الفلسطينيّة المختلفة والتصدّعات الفلسطينيّة الأخرى التي يستعرضها أبو شقرة في مستهلّ كتابه، يطلق الكاتب دعوة مهمّة تتمثّل في خلق فضاء فلسطينيّ ثقافيّ شامل يضمّ تحت سقفه مُجْمَل التجمّعات الفلسطينيّة في جميع أماكن التواجد: الفلسطينيّين سكّان إسرائيل، والفلسطينيّين الذين يعيشون في مناطق السلطة الفلسطينيّة (قِطاع غزّة والضفّة الغربيّة)، والفلسطينيّين الذين يعيشون في الشتات خارج وطنهم، بمن في ذلك الفلسطينيّون الذين أُرغِموا على العيش في مخيّمات اللجوء، والفلسطينيّون الذين هاجروا إلى الغرب قبل حرب العام 1948 وبعدها. لا مناص -بحسب أقوال الكاتب- من خلق فضاء ثقافيّ مشترَك يتمكّن الفلسطينيّون من خلاله أن يحدّدوا لأنفسهم هُويّة قوميّة واجتماعيّة. في الفضاء المُعَوْلَم الجديد الذي تولّد في العقود الأخيرة، يجب على الفلسطينيين -بحسب أقوال الكاتب- أن يدركوا أنّ فصل التقوقع في داخل هُويّات فرديّة ومعزولة قد ولّى. الادّعاء المركزيّ الذي يطرحه الكاتب هو أنّ الصالح العامّ الثقافيّ الفلسطينيّ، ومصالح كلّ واحد من التجمّعات الفلسطينيّة (مواطني إسرائيل، ومَن يرزحون تحت نير الاحتلال، ومن يعيشون في الشتات) هي مصالح مشتركة، لذا يجب عليهم العمل معًا بلغة فنّيّة وثقافيّة واحدة.

أشرف فواخري WELCOME HOME 1998 – تصوير تسفيكا روجر
الحقوق محفوظة لبيت الكرمة، المركز الثقافي العربي اليهودي ، حيفا

ثمّة علامة فارقة مشترَكة للفنّانين المدْرَجين في هذا الكتاب، ألا وهي التعبير عن الهُويّة الوطنيّة الفلسطينيّة بواسطة الرموز والعناصر التهكّمية، والسياقات الاجتماعيّة والسياسيّة الفلسطينيّة. يمثّل هؤلاء الفنّانون التغيُّرات التي طرأت على المشهد الثقافيّ الفلسطينيّ عبْر السنوات، وتطرح الأعمال الفنّيّة المدْرجة في الكتاب أسئلة كثيرة تستوجب نقاشًا معمّقًا حول قراءة أبو شقرة للفنّ الفلسطينيّ، وحول قراءتنا نحن لكتابه.

تجدر الإشارة على نحوٍ خاصّ إلى قضيّة الأرض، وهي إحدى القضايا التي يتناولها الكتاب، حيث يعالج مسألة الأراضي الفلسطينيّة والنضال من أجل الإنسان مقابل النضال من أجل الأرض، أو كنضال مكمِّل له. يقوم الفنّانون الفلسطينيّون في هذا الكتاب بتناول قضايا مختلفة من زوايا متنوّعة، وتتراسل إبداعاتهم الفنّيّة مع قضايا تتعلّق بأحداث حصلت في الماضي وما زالت تتواصل حتّى يومنا هذا، بما في ذلك النكبة الفلسطينيّة، وقضايا معاصرة تُلامِس الحياةَ الفلسطينيّة في هذه الحقبة التي تقع عرضة لتأثيرات العَوْلَمة. يُدْرِج الكتاب بين صفحاته أعمال العديد من الفنّانين، ومنهم أسد عزّي ومنار زعبي وأنيسة أشقر وعبد عابدي وأشرف فواخري. يبدو لنا أنّ الكثير من “تشخيصات” أبو شقرة تتبدّى في أعمال أشرف فواخري. على سبيل المثال، يتفاعل فواخري في أعماله مع الواقع الإسرائيليّ- الفلسطينيّ المركّب عبر تمثيل حقيقيّ لفكرة الثنائيّة: القديم مقابل الجديد؛ الحديث مقابل التقليديّ؛ المعاصر مقابل ذاك الذي يرتكز على التراث. مقولاته السياسيّة الثاقبة ومشاهَداته المركَّبة لموقع الفلسطينيّين هي من الخصائص البارزة للكتاب، ويمكن الاستدلال على ذلك من خلال العمل المُدْرَج هنا “بن غوريون 1”.

في الختام، لا بدّ من القول إنّ هذا الكتاب هو ثمرة عمل شامل ومهمّ ومشوّق، نجح أبو شقرة من خلاله في التوقّف عند خصوصيّة وخصائص الفنّ الفلسطينيّ المتجدّد والنامي من قلب مكوّنات هُويّة ما انفكّت هي كذلك تخضع لتحوُّلات مختلفة. هذا الكتاب ضروريّ لمحفل المهتمّين بالفنّ الفلسطينيّ وبالهُويّة الفلسطينيّة وبالروابط فيما بينهما.

ترجم المقال عن العبرية جلال حسن

د. يوني مندل هو مدير مركز منارات للعلاقات اليهودية العربية، وعضو هيئة تحرير مجلة منبرفان لير للنقاش والبحث حول الفلسطينيين واليهود في اسرائيل، ومحرر زاوية الكتب لمجلة دراسات الليفانت والصادرة باللغة الإنجليزية (JLS).

غال كرامارسكي هي مساعدة أبحاث ومشاريع في مركز منارات للعلاقات اليهودية العربية. مقبلة على نهاية تعليمها الجامعي وحصولها على اللقب الأول في الدراسات الاسلامية والشرق الأوسط والعلوم السياسية في الجامعة العبرية في القدس.

Below are share buttons

גליונות אחרונים

לכל הגליונות