ד"ר אסף שפירא.
Below are share buttons

قانون المواطنة والدخول إلى إسرائيل عبر نظرة مقارنة

عدد 04,

وُجّهت أسهم نقد عديدة باتجاه “قانون المواطنة والدخول إلى إسرائيل (أمر مؤقّت) لعام 2003″، لأنه يمنع منح إذن دخول ومكانة قانونية لفلسطينيّين سكّان الضفّة الغربية وقطاع غزّة (فيما يلي: “المناطق المحتلّة”). ادّعى أصحاب هذا النقد بأنَّ القانون يمسّ بصورة بالغة الحقّ بالمساواة وإنشاء أسرة، وقد انتقدوا قرار محكمة العدل العليا التي صدَّقت على القانون مرة تلو الأخرى. أود الانضمام إلى هذا النقد وتوسيع نطاقه عبر تحليل القانون والصراع الفاشل ضدّه استنادًا إلى وجهة نظر مقارنة – على خلفية المبادئ التي تسوّي مسألة حق مجموعات مهاجرة[1] أخرى بالمواطنة في إسرائيل. تشهد هذه المقارنة على خطورة المسّ بالفلسطينيّين وتكشف عن كون القانون متطرّفًا حتى على خلفية مشهد سياسة المواطنة الإثنية الصارمة لإسرائيل.

تبنّت إسرائيل منذ قيامها سياسة المواطنة الإثنية والتي تتجلّى بصورة واضحة في قانون العودة لليهود والذي يتيح لليهود حصرًا – ومنذ سنة 1970 لعائلاتهم – الهجرة إلى إسرائيل والتجنّس فيها. وفي ذات الوقت، تضع إسرائيل عثرات هائلة أمام المهاجرين غير المستحقّين للمواطنة الذين لا يشملهم “قانون العودة”: فهي لا تمنح المواطنة لأبناء وبنات المهاجرين، ولا تمنح المهاجرين المستقرّين بها – ولو بعد سنين طويلة – إمكانية الحصول على المواطنة (باستثناء حالات شاذّة، مثل زواج مواطن/ة بمهاجر/ة). حقيقة، تقع ضمن سلطة وزير الداخلية منح مكانة مقيمين دائمين للمهاجرين، الأمر الذي من شأنه أن يفضي بعد بضع سنين إلى الحصول على المواطنة، إلاَّ أنه يستخدم هذه السلطة في حالات نادرة فقط.

شهدنا في مطلع تسعينيات القرن العشرين بداية هجرة مكثّفة لغير المستحقّين للهجرة إلى إسرائيل (وفق “قانون العودة”)، وتحوّلت إسرائيل عمليًا في أعقاب ذلك إلى “دولة هجرة”. تشكّلت غالبية هؤلاء المهاجرين من الباحثين عن فرص للعمل، والطالبين اللجوء السياسي من أفريقيا، ومهاجرين من الاتحاد السوفييتي السابق (أولئك غير المستحقّين للهجرة وفق “قانون العودة”)، وجماعة الفلاشا، وفلسطينيّين هاجروا أو تقدّموا بطلب للهجرة إلى إسرائيل في أعقاب زواجهم/ن من مواطنين/ات إسرائيليّين/ات، وفئة سكانية صغيرة من جنود جنوب لبنان و”العبرانيّين من ديمونة” المشهورين في إسرائيل بتعبير “الكوشيون العبرانيّون”. لم تتغيّر سياسة التجنيس في إسرائيل تغييرًا جوهريًا في أعقاب موجات الهجرة هذه، وإنما تبنّت إسرائيل ترتيبات للتسهيل على جزء من المهاجرين:

  1. أتاحت قرارات الحكومة من السنوات 2005، 2006 و 2010[2] لجزء من أبناء وبنات المهاجرين العمّال – وفي أعقاب ذلك لأولادهم أيضًا – الحصول على المواطنة إذا استوفى الأولاد شروطًا محدّدة: العمر المسموح به للدخول إلى إسرائيل، فترة إقامة معينة في الدولة، معرفة اللغة العبرية، دخول الوالدين إلى إسرائيل بصورة شرعية وغيرها. وجاء هناك أنَّ هذه الترتيبات هي ترتيبات لمرة واحدة وليس من شأنها التأثير على المكانة المبدئية للمهاجرين وأولادهم.
     
  2. منحت قرارات الحكومة من السنوات 2002، 2004 و 2011[3] إقامة مؤقّتة ولاحقًا إقامة دائمة ومواطنة لذوي الجنود غير المستحقّين للهجرة (وفق قانون العودة)، غالبيتهم المطلقة مهاجرين من الاتحاد السوفييتي سابقًا.
  3.  بعد خروج الجيش الإسرائيلي من لبنان في أيار 2000 وصل إلى إسرائيل نحو 6,000 شخص من سكّان جنوب لبنان، غالبيتهم من جنود جنوب لبنان وأسرهم. وجاء في قانون من سنة 2004 أنَّ جنود جنوب لبنان وأقاربهم من الدرجة الأولى المقيمين في إسرائيل يوم سريان مفعول هذا القانون يمكنهم الحصول على المواطنة بصورة فورية.
  4. وصل أبناء وبنات طائفة “الكوشيون العبرانيّون” من الولايات المتحدة إلى إسرائيل في نهاية الستينيات، وعاشوا سنين طويلة في إسرائيل من دون أية مكانة رسمية. حصلوا في مطلع التسعينيات على مكانة مقيمين مؤقّتين، وفي سنة 2003 حصلوا على إقامة دائمة. تطوّع بعض أبناء وبنات الطائفة في الجيش (بالرغم من أنهم غير ملزمين بذلك)، وبفضل ذلك فقد حصلوا على المواطنة؛ وفي نهاية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين حصل أبناء وبنات الطائفة الآخرين على المواطنة ولكن تمّ ذلك عبر عملية تدريجية وبطيئة.
     
  5. جماعة الفلاشا: طلب بعض من سكّان أثيوبيا، الذين تعتبر هويتهم اليهودية موضع خلاف، الهجرة إلى إسرائيل في مطلع التسعينيات في أعقاب “عملية سليمان” (أيار 1991). وقرّرت لجنة وزارية في أيلول 1992 بأنهم ليسوا يهودًا ولا يستحقّون الهجرة (وفق قانون العودة)، ولكنها أتاحت لأولئك الذين تواجدوا في حينه في المقر الخاص ليهود أثيوبيا الذين انتظروا الهجرة إلى إسرائيل في أديس أبابا الهجرة إلى البلاد لأسباب إنسانية. وخلال السنين قامت الدولة بتوسيع نطاق “عملية سليمان” مرة تلو الأخرى حتى أتت بمنتمين إلى جماعة الفلاشا إلى إسرائيل عملاً بقانون الدخول إلى إسرائيل، هاجروا إلى إسرائيل وبعد تهوّدهم حصلوا على المواطنة.[4] ورسميًا انتهت عملية سليمان هذه في تشرين الأول 2013 إلاَّ أنَّ النضال الجماهيري لا زال قائمًا لتجديده.
     

في مقابل ذلك، لم يحصل المتقدّمون بطلبات اللجوء من أفريقيا على أية ترتيبات سهلة للحصول على المواطنة، وبقي الفلسطينيون سكّان المناطق المحتلّة هم الوحيدون الذين تدهورت مكانتهم بصورة كبيرة قياسًا بالسابق كما سأوضح فيما يلي.

لقد ظهرت بعد حرب حزيران 1967 علاقات زواج بين فلسطينيّين من المناطق المحتلّة وبين فلسطينيّين مواطني دولة إسرائيل. أتاحت إسرائيل الفرصة حتى مطلع التسعينيات بصورة عامة الانتقال المرن بين المناطق المختلفة، وعليه فقد استطاع فلسطينيون من المناطق المحتلّة الانتقال للعيش مع أزواجهم في إسرائيل وحتى من دون ترتيب مكانتهم الرسمية. وبعد إنشاء السلطة الفلسطينية وظهور موجات الإرهاب منذ مطلع التسعينيات، أقدمت إسرائيل على تحديد حرية الحركة والتنقّل وفرضت على الفلسطينيّين سكّان المناطق المحتلّة المعنيّين بالإقامة في إسرائيل أن يحصلوا على مكانة رسمية في إطار ما بات يطلق عليه اسم “لم الشمل” – مكانة رسمية مُنحت للفلسطينيّين، وإنْ كان بصعوبة شديدة، المواطنة. وفي أعقاب اندلاع الانتفاضة الثانية (في سنة 2000)، أُثيرت ظاهرة لم الشمل في النقاش الجماهيري، وجهات عديدة، ومن بينها وزير الداخلية في حينه إيلي يشاي، وموظّفون في وزارة الداخلية وباحثون في الأكاديميا الإسرائيلية، عبّروا عن مخاوفهم من الإسقاطات الأمنية والاقتصادية وخاصة الديمغرافية لهذه الظاهرة.

بعد العملية الإرهابية في مطعم “ماتسا” في حيفا في 31 آذار 2002، والتي نفّذها فلسطيني من سكّان المناطق المحتلّة الحاصل على المواطنة الإسرائيلية في إطار لم الشمل، أمر إيلي يشاي الموظفين في وزارته إلى توقيف إجراءات لم الشمل. وقد صدّقت الحكومة على هذا الأمر في أيار من السنة ذاتها،[5] وبعد سنة من ذلك تحوّل هذا الأمر إلى قانون المواطنة والدخول إلى إسرائيل. منع القانون منح المواطنة أو الإقامة الدائمة للفلسطينيّين سكّان المناطق المحتلّة، وأتاح فرصة منح الإقامة المؤقتة في حالات خاصّة فقط. تقرّر أن يكون القانون أمرًا مؤقتًا يمكن للكنيست تمديده، وبالفعل قامت الكنيست بفعل ذلك مرة تلو الأخرى. وقد تمّ تعديل القانون مرّتين في سنة 2005 وسنة 2007. وتضمّنت هذه التعديلات تسهيلات للحصول على الإقامة المؤقتة، وأتاحت الفرصة أمام الفلسطينيّين الذين يتماثلون مع الدولة وساهموا مساهمة جليلة للدولة، أي “متعاونين”، إمكانية الحصول على الإقامة الدائمة والمواطنة. وقد ظهرت محاولات عديدة على مر السنين لإبطال هذا القانون أو لإدخال تعديلات هامة جدًا عليه، إلاَّ أنَّ جميع هذه المحاولات باءت بالفشل. وقد ظهرت هذه المحاولات بصورة خاصة في الحلبة القضائية: فقد قدمت التماسات عديدة لمحكمة العدل العليا ضدّ هذا القانون، وتجلّت بصورة خاصّة في التماسين من سنة 2006 وسنة 2012،[6] عندما تمّ التصديق على القانون.

وخلاصة الأمر أنه منذ مطلع التسعينيات، حين تحوّلت إسرائيل إلى دولة هجرة، تبنّت الدولة ترتيبات لتسهيل عملية الحصول على المواطنة لمجموعات مختلفة من المهاجرين. ونقصد تلك الترتيبات المحدّدة جدًا المتعلّقة بمجموعات مهاجرين محدّدة، وهي الترتيبات التي لم تفض إلى تغيير نظام المواطنة في إسرائيل. بالرغم من ذلك، تعتبر هذه الترتيبات في غاية الأهمية، على الصعيدين العملي والمبدئي: أما على الصعيد المبدئي، فقد طرحت هذه الترتيبات حلولاً لمشاكل عسيرة متعلّقة بمهاجرين لا يتمتّعون بالمواطنة (علمًا بأنَّ مشاكل عسيرة أخرى لم تجد إلى الآن الحلول الملائمة لها) – مشاكل متعلّقة بإعادة تأهيل حياة اللاجئين ولم الشمل ومكانة أبناء وبنات المهاجرين المولودين في إسرائيل؛ وأما على الصعيد المبدئي، تثبت هذه الترتيبات بأنَّ نظام المواطنة الإثنية الصارم المعتمد في إسرائيل قابل للضغط بغية التسهيل أمام المهاجرين للحصول على المواطنة – لا بل وأبدت أحيانًا مرونة وإتاحة الفرصة أمامهم للحصول على المواطنة.

بخلاف كلّي لجميع هذه الترتيبات المتباينة، فقد حرم قانون المواطنة والدخول إلى إسرائيل الفلسطينيّين سكّان المناطق المحتلّة من أية فرصة تقريبًا للحصول على المواطنة الإسرائيلية. لم ينجح نظام المواطنة الإسرائيلي في حالة الفلسطينيّين أن يعمل بمرونة شبيهة بتلك التي اعتمدها في حالة مجموعات المهاجرين الآخرين: لم يتم تشكيل أي ترتيب – ولا حتى ترتيب محدود ولمرة واحدة – يتيح الفرصة ولو لفئة صغيرة منهم للحصول على المواطنة (باستثناء المتعاونين). تؤكّد هذه النتائج على الادعاء القائل بأنَّ هذا القانون شاذّ ومتطرّف بصورة خاصّة. إنَّ فشل النضال ضدّ القانون، والذي قاده غالبًا فلسطينيون مواطنون في إسرائيل وأثّر عليهم بصورة مباشرة على صعيد الحق بإقامة أسرة، يشهد على الضعف السياسي البالغ لهؤلاء المواطنين وعلى قدرتهم المحدودة للنضال بأدوات قضائية وسياسية لتحسين مكانتهم.


  • أساف شبيرا، قسم العلوم السياسية، الجامعة العبرية في القدس

[1] يستند تعريف الفلسطينيّين سكّان المناطق المحتلّة بوصفهم “مهاجرين” إلى وجهة نظر دولة إسرائيل فقط القائلة إنهم يمثّلون فئة سكانية من غير المواطنين التي تسعى إلى طلب الانتقال إلى منطقة إسرائيلية والحصول على مواطنة. يعتبر هذا التوجّه برأيي إشكالي بفعل سيطرة إسرائيل المباشرة وغير المباشرة على الفلسطينيّين سكّان المناطق المحتلّة.

[2] قرار الحكومة رقم 3807 من يوم 26.6.2005؛ وقرار الحكومة رقم 256 من يوم 18.6.2006؛ وقرار الحكومة رقم 2183 من يوم 1.8.2010.

[3] قرار الحكومة رقم 2660 من يوم 3.11.2002؛ وقرار الحكومة رقم 1830 من يوم 29.4.2004؛ وقرار الحكومة رقم 3573 من يوم 4.8.2011.

[4] يعتبر القرار الأهم بشأنهم هو القرار الحكومي رقم 2948 من يوم 16.2.200

[5] القرار الحكومي رقم 1813 من يوم 12.5.2002.

[6] قرار محكمة العدل العليا 03/ 7052، عدالة – المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل وآخرون ضدّ وزير الداخلية وآخرين؛ قرار محكمة العدل العليا 07/ 466، عضوة الكنيست زهافه غلئون – ميرتس-ياحد ضدّ المستشار القضائي للحكومة وآخرين.

وُجّهت أسهم نقد عديدة باتجاه “قانون المواطنة والدخول إلى إسرائيل (أمر مؤقّت) لعام 2003″، لأنه يمنع منح إذن دخول ومكانة قانونية لفلسطينيّين سكّان الضفّة الغربية وقطاع غزّة (فيما يلي: “المناطق المحتلّة”). ادّعى أصحاب هذا النقد بأنَّ القانون يمسّ بصورة بالغة الحقّ بالمساواة وإنشاء أسرة، وقد انتقدوا قرار محكمة العدل العليا التي صدَّقت على القانون مرة تلو الأخرى. أود الانضمام إلى هذا النقد وتوسيع نطاقه عبر تحليل القانون والصراع الفاشل ضدّه استنادًا إلى وجهة نظر مقارنة – على خلفية المبادئ التي تسوّي مسألة حق مجموعات مهاجرة[1] أخرى بالمواطنة في إسرائيل. تشهد هذه المقارنة على خطورة المسّ بالفلسطينيّين وتكشف عن كون القانون متطرّفًا حتى على خلفية مشهد سياسة المواطنة الإثنية الصارمة لإسرائيل.

تبنّت إسرائيل منذ قيامها سياسة المواطنة الإثنية والتي تتجلّى بصورة واضحة في قانون العودة لليهود والذي يتيح لليهود حصرًا – ومنذ سنة 1970 لعائلاتهم – الهجرة إلى إسرائيل والتجنّس فيها. وفي ذات الوقت، تضع إسرائيل عثرات هائلة أمام المهاجرين غير المستحقّين للمواطنة الذين لا يشملهم “قانون العودة”: فهي لا تمنح المواطنة لأبناء وبنات المهاجرين، ولا تمنح المهاجرين المستقرّين بها – ولو بعد سنين طويلة – إمكانية الحصول على المواطنة (باستثناء حالات شاذّة، مثل زواج مواطن/ة بمهاجر/ة). حقيقة، تقع ضمن سلطة وزير الداخلية منح مكانة مقيمين دائمين للمهاجرين، الأمر الذي من شأنه أن يفضي بعد بضع سنين إلى الحصول على المواطنة، إلاَّ أنه يستخدم هذه السلطة في حالات نادرة فقط.

شهدنا في مطلع تسعينيات القرن العشرين بداية هجرة مكثّفة لغير المستحقّين للهجرة إلى إسرائيل (وفق “قانون العودة”)، وتحوّلت إسرائيل عمليًا في أعقاب ذلك إلى “دولة هجرة”. تشكّلت غالبية هؤلاء المهاجرين من الباحثين عن فرص للعمل، والطالبين اللجوء السياسي من أفريقيا، ومهاجرين من الاتحاد السوفييتي السابق (أولئك غير المستحقّين للهجرة وفق “قانون العودة”)، وجماعة الفلاشا، وفلسطينيّين هاجروا أو تقدّموا بطلب للهجرة إلى إسرائيل في أعقاب زواجهم/ن من مواطنين/ات إسرائيليّين/ات، وفئة سكانية صغيرة من جنود جنوب لبنان و”العبرانيّين من ديمونة” المشهورين في إسرائيل بتعبير “الكوشيون العبرانيّون”. لم تتغيّر سياسة التجنيس في إسرائيل تغييرًا جوهريًا في أعقاب موجات الهجرة هذه، وإنما تبنّت إسرائيل ترتيبات للتسهيل على جزء من المهاجرين:

  1. أتاحت قرارات الحكومة من السنوات 2005، 2006 و 2010[2] لجزء من أبناء وبنات المهاجرين العمّال – وفي أعقاب ذلك لأولادهم أيضًا – الحصول على المواطنة إذا استوفى الأولاد شروطًا محدّدة: العمر المسموح به للدخول إلى إسرائيل، فترة إقامة معينة في الدولة، معرفة اللغة العبرية، دخول الوالدين إلى إسرائيل بصورة شرعية وغيرها. وجاء هناك أنَّ هذه الترتيبات هي ترتيبات لمرة واحدة وليس من شأنها التأثير على المكانة المبدئية للمهاجرين وأولادهم.
     
  2. منحت قرارات الحكومة من السنوات 2002، 2004 و 2011[3] إقامة مؤقّتة ولاحقًا إقامة دائمة ومواطنة لذوي الجنود غير المستحقّين للهجرة (وفق قانون العودة)، غالبيتهم المطلقة مهاجرين من الاتحاد السوفييتي سابقًا.
  3.  بعد خروج الجيش الإسرائيلي من لبنان في أيار 2000 وصل إلى إسرائيل نحو 6,000 شخص من سكّان جنوب لبنان، غالبيتهم من جنود جنوب لبنان وأسرهم. وجاء في قانون من سنة 2004 أنَّ جنود جنوب لبنان وأقاربهم من الدرجة الأولى المقيمين في إسرائيل يوم سريان مفعول هذا القانون يمكنهم الحصول على المواطنة بصورة فورية.
  4. وصل أبناء وبنات طائفة “الكوشيون العبرانيّون” من الولايات المتحدة إلى إسرائيل في نهاية الستينيات، وعاشوا سنين طويلة في إسرائيل من دون أية مكانة رسمية. حصلوا في مطلع التسعينيات على مكانة مقيمين مؤقّتين، وفي سنة 2003 حصلوا على إقامة دائمة. تطوّع بعض أبناء وبنات الطائفة في الجيش (بالرغم من أنهم غير ملزمين بذلك)، وبفضل ذلك فقد حصلوا على المواطنة؛ وفي نهاية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين حصل أبناء وبنات الطائفة الآخرين على المواطنة ولكن تمّ ذلك عبر عملية تدريجية وبطيئة.
     
  5. جماعة الفلاشا: طلب بعض من سكّان أثيوبيا، الذين تعتبر هويتهم اليهودية موضع خلاف، الهجرة إلى إسرائيل في مطلع التسعينيات في أعقاب “عملية سليمان” (أيار 1991). وقرّرت لجنة وزارية في أيلول 1992 بأنهم ليسوا يهودًا ولا يستحقّون الهجرة (وفق قانون العودة)، ولكنها أتاحت لأولئك الذين تواجدوا في حينه في المقر الخاص ليهود أثيوبيا الذين انتظروا الهجرة إلى إسرائيل في أديس أبابا الهجرة إلى البلاد لأسباب إنسانية. وخلال السنين قامت الدولة بتوسيع نطاق “عملية سليمان” مرة تلو الأخرى حتى أتت بمنتمين إلى جماعة الفلاشا إلى إسرائيل عملاً بقانون الدخول إلى إسرائيل، هاجروا إلى إسرائيل وبعد تهوّدهم حصلوا على المواطنة.[4] ورسميًا انتهت عملية سليمان هذه في تشرين الأول 2013 إلاَّ أنَّ النضال الجماهيري لا زال قائمًا لتجديده.
     

في مقابل ذلك، لم يحصل المتقدّمون بطلبات اللجوء من أفريقيا على أية ترتيبات سهلة للحصول على المواطنة، وبقي الفلسطينيون سكّان المناطق المحتلّة هم الوحيدون الذين تدهورت مكانتهم بصورة كبيرة قياسًا بالسابق كما سأوضح فيما يلي.

لقد ظهرت بعد حرب حزيران 1967 علاقات زواج بين فلسطينيّين من المناطق المحتلّة وبين فلسطينيّين مواطني دولة إسرائيل. أتاحت إسرائيل الفرصة حتى مطلع التسعينيات بصورة عامة الانتقال المرن بين المناطق المختلفة، وعليه فقد استطاع فلسطينيون من المناطق المحتلّة الانتقال للعيش مع أزواجهم في إسرائيل وحتى من دون ترتيب مكانتهم الرسمية. وبعد إنشاء السلطة الفلسطينية وظهور موجات الإرهاب منذ مطلع التسعينيات، أقدمت إسرائيل على تحديد حرية الحركة والتنقّل وفرضت على الفلسطينيّين سكّان المناطق المحتلّة المعنيّين بالإقامة في إسرائيل أن يحصلوا على مكانة رسمية في إطار ما بات يطلق عليه اسم “لم الشمل” – مكانة رسمية مُنحت للفلسطينيّين، وإنْ كان بصعوبة شديدة، المواطنة. وفي أعقاب اندلاع الانتفاضة الثانية (في سنة 2000)، أُثيرت ظاهرة لم الشمل في النقاش الجماهيري، وجهات عديدة، ومن بينها وزير الداخلية في حينه إيلي يشاي، وموظّفون في وزارة الداخلية وباحثون في الأكاديميا الإسرائيلية، عبّروا عن مخاوفهم من الإسقاطات الأمنية والاقتصادية وخاصة الديمغرافية لهذه الظاهرة.

بعد العملية الإرهابية في مطعم “ماتسا” في حيفا في 31 آذار 2002، والتي نفّذها فلسطيني من سكّان المناطق المحتلّة الحاصل على المواطنة الإسرائيلية في إطار لم الشمل، أمر إيلي يشاي الموظفين في وزارته إلى توقيف إجراءات لم الشمل. وقد صدّقت الحكومة على هذا الأمر في أيار من السنة ذاتها،[5] وبعد سنة من ذلك تحوّل هذا الأمر إلى قانون المواطنة والدخول إلى إسرائيل. منع القانون منح المواطنة أو الإقامة الدائمة للفلسطينيّين سكّان المناطق المحتلّة، وأتاح فرصة منح الإقامة المؤقتة في حالات خاصّة فقط. تقرّر أن يكون القانون أمرًا مؤقتًا يمكن للكنيست تمديده، وبالفعل قامت الكنيست بفعل ذلك مرة تلو الأخرى. وقد تمّ تعديل القانون مرّتين في سنة 2005 وسنة 2007. وتضمّنت هذه التعديلات تسهيلات للحصول على الإقامة المؤقتة، وأتاحت الفرصة أمام الفلسطينيّين الذين يتماثلون مع الدولة وساهموا مساهمة جليلة للدولة، أي “متعاونين”، إمكانية الحصول على الإقامة الدائمة والمواطنة. وقد ظهرت محاولات عديدة على مر السنين لإبطال هذا القانون أو لإدخال تعديلات هامة جدًا عليه، إلاَّ أنَّ جميع هذه المحاولات باءت بالفشل. وقد ظهرت هذه المحاولات بصورة خاصة في الحلبة القضائية: فقد قدمت التماسات عديدة لمحكمة العدل العليا ضدّ هذا القانون، وتجلّت بصورة خاصّة في التماسين من سنة 2006 وسنة 2012،[6] عندما تمّ التصديق على القانون.

وخلاصة الأمر أنه منذ مطلع التسعينيات، حين تحوّلت إسرائيل إلى دولة هجرة، تبنّت الدولة ترتيبات لتسهيل عملية الحصول على المواطنة لمجموعات مختلفة من المهاجرين. ونقصد تلك الترتيبات المحدّدة جدًا المتعلّقة بمجموعات مهاجرين محدّدة، وهي الترتيبات التي لم تفض إلى تغيير نظام المواطنة في إسرائيل. بالرغم من ذلك، تعتبر هذه الترتيبات في غاية الأهمية، على الصعيدين العملي والمبدئي: أما على الصعيد المبدئي، فقد طرحت هذه الترتيبات حلولاً لمشاكل عسيرة متعلّقة بمهاجرين لا يتمتّعون بالمواطنة (علمًا بأنَّ مشاكل عسيرة أخرى لم تجد إلى الآن الحلول الملائمة لها) – مشاكل متعلّقة بإعادة تأهيل حياة اللاجئين ولم الشمل ومكانة أبناء وبنات المهاجرين المولودين في إسرائيل؛ وأما على الصعيد المبدئي، تثبت هذه الترتيبات بأنَّ نظام المواطنة الإثنية الصارم المعتمد في إسرائيل قابل للضغط بغية التسهيل أمام المهاجرين للحصول على المواطنة – لا بل وأبدت أحيانًا مرونة وإتاحة الفرصة أمامهم للحصول على المواطنة.

بخلاف كلّي لجميع هذه الترتيبات المتباينة، فقد حرم قانون المواطنة والدخول إلى إسرائيل الفلسطينيّين سكّان المناطق المحتلّة من أية فرصة تقريبًا للحصول على المواطنة الإسرائيلية. لم ينجح نظام المواطنة الإسرائيلي في حالة الفلسطينيّين أن يعمل بمرونة شبيهة بتلك التي اعتمدها في حالة مجموعات المهاجرين الآخرين: لم يتم تشكيل أي ترتيب – ولا حتى ترتيب محدود ولمرة واحدة – يتيح الفرصة ولو لفئة صغيرة منهم للحصول على المواطنة (باستثناء المتعاونين). تؤكّد هذه النتائج على الادعاء القائل بأنَّ هذا القانون شاذّ ومتطرّف بصورة خاصّة. إنَّ فشل النضال ضدّ القانون، والذي قاده غالبًا فلسطينيون مواطنون في إسرائيل وأثّر عليهم بصورة مباشرة على صعيد الحق بإقامة أسرة، يشهد على الضعف السياسي البالغ لهؤلاء المواطنين وعلى قدرتهم المحدودة للنضال بأدوات قضائية وسياسية لتحسين مكانتهم.


  • أساف شبيرا، قسم العلوم السياسية، الجامعة العبرية في القدس

[1] يستند تعريف الفلسطينيّين سكّان المناطق المحتلّة بوصفهم “مهاجرين” إلى وجهة نظر دولة إسرائيل فقط القائلة إنهم يمثّلون فئة سكانية من غير المواطنين التي تسعى إلى طلب الانتقال إلى منطقة إسرائيلية والحصول على مواطنة. يعتبر هذا التوجّه برأيي إشكالي بفعل سيطرة إسرائيل المباشرة وغير المباشرة على الفلسطينيّين سكّان المناطق المحتلّة.

[2] قرار الحكومة رقم 3807 من يوم 26.6.2005؛ وقرار الحكومة رقم 256 من يوم 18.6.2006؛ وقرار الحكومة رقم 2183 من يوم 1.8.2010.

[3] قرار الحكومة رقم 2660 من يوم 3.11.2002؛ وقرار الحكومة رقم 1830 من يوم 29.4.2004؛ وقرار الحكومة رقم 3573 من يوم 4.8.2011.

[4] يعتبر القرار الأهم بشأنهم هو القرار الحكومي رقم 2948 من يوم 16.2.200

[5] القرار الحكومي رقم 1813 من يوم 12.5.2002.

[6] قرار محكمة العدل العليا 03/ 7052، عدالة – المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل وآخرون ضدّ وزير الداخلية وآخرين؛ قرار محكمة العدل العليا 07/ 466، عضوة الكنيست زهافه غلئون – ميرتس-ياحد ضدّ المستشار القضائي للحكومة وآخرين.

Below are share buttons

גליונות אחרונים

לכל הגליונות