ניהאיה דאוד
Below are share buttons

جذور غياب المساواة في الصحّة بين اليهود والفلسطينيّين مواطني إسرائيل

عدد 07,

العدد السابع: ضغط دم محلّي: العرب واليهود في جهاز الصحة الإسرائيلي، العدد التاسع: القومية والشراكة في إسرائيل: التوليف السياسي لقوميتين في مواطنة واحدة

الحقّ في الصحّة هو من حقوق الإنسان الأساسيّة التي جرى ترسيخها في المعاهدات الدوليّة التي وضعتها الأمم المتّحدة.[1] الصحّة هي مورد شديد الأهمّيّة في سبيل ممارسة حياة يوميّة سليمة، ومن أجل بناء مجتمع منتج. إعلان ألما آتا لمنظّمة الصحّة العالميّة من العام 1978 ناشد الدول الأعضاء من أجل تطبيق مبدأ المساواة في الصحّة وتقليص الفجوات بين الدول، وفي داخلها.[2] على الرغم من ذلك، لا تنجح معظم الدول في العالم في الوصول إلى المساواة في الصحّة، وثمّة فجوات بين مجموعات سكّانيّة مختلفة.[3] يمكن لغياب المساواة في الصحّة أن ينعكس في واحدة -أو أكثر- من الحالات التالية: عندما لا يكفل القانون الحقّ الأساسيّ في الصحّة، أي في ظلّ غياب قانون صحّة رسميّ؛ وعندما لا يكون توزيع الخدمات الصحّيّة متساويًا؛ وعندما لا تتساوى الحالة الصحّيّة لدى مجموعات سكّانية مختلفة.[4] الصحّة البدنيّة والنفسيّة لمجموعات الأقلّيّة في العالم، بمن فيها مجموعة السكّان الأصلانيّين، أقلّ جودة من صحّة الجمهور العامّ.[5] الأبحاث المستجدّة في هذا المضمار تشير إلى أنّ جذور غياب المساواة في الصحّة ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالهيكليّة الاجتماعيّة – الاقتصاديّة وبالفجوات الاجتماعيّة – الاقتصاديّة، والطبقيّة، والسياسيّة، والجندريّة، ومردّ جميعها إلى التمييز والتوزيع غير المتساوي للموارد، وعلاقات القوّة داخل المجتمع.[6]

في إسرائيل، يرتكز قانون الصحّة الرسميّ الصادر عام 1994 على مبادئ المساواة والعدل، ويُعتبر جهاز الصحّة فيها من أفضل الأجهزة الصحّيّة في العالم؛ لكن على الرغم من التحسين الذي طرأ على مؤشّرات الصحّة لمجْمَل السكّان منذ إقامة إسرائيل حتّى اليوم، ما زالت هناك فجوات في الصحّة بين مجموعات سكّانيّة مختلفة. الفجوات الأساسيّة في الصحّة قائمة في الأساس بين المجموعتين العرْقيّتين الكُبريَيْن في البلاد: السكّان الفلسطينيّين مواطني إسرائيل، ومواطنيها من السكّان اليهود.[7] هذه الفجوات تَظهَر على نحوٍ شبه متساوق في مؤشّرات صحّيّة متدنّية في صفوف الجمهور العربيّ مقارنة بالجمهور اليهوديّ: متوسّط العمر المتوقّع عند الولادة أقلّ؛[8] وفَيات الرضَّع أعلى؛[9] النسب في انتشار الأمراض المزمنة (نحو السكّريّ وسرطان الرئة) أعلى؛ مستوى الصحّة النفسيّة أدنى.[10] يضاف إلى ذلك أنّ الفجوة في بعض المؤشّرات تشهد ارتفاعًا؛ فعلى سبيل المثال، قبل عشرين عامًا كان الفرق في متوسّط العمر المتوقّع عند الولادة بين المجموعتين عامين، لكنّه يبلغ اليوم 3.3 عام لصالح المجموعة السكّانيّة اليهوديّة.[11]

في ما يلي، سأسعى إلى التوقّف عند العوامل الأساسيّة لغياب المساواة في الصحّة بين اليهود والفلسطينيّين مواطني إسرائيل، وذلك من خلال الرجوع إلى الأدبيّات المهنيّة ومصادر داعمة.

غياب المساواة العِرْقيّ في إسرائيل يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالمكانة السياسيّة المتدنّية للفلسطينيّين مواطني إسرائيل، ويعكس سيرورات تاريخيّة وطبقيّة واجتماعيّة – اقتصاديّة مرّ بها المجتمع العربيّ، يتّصل بعضها بسياسات التمييز المتعاقبة وغياب المساواة الاجتماعيّة – الاقتصاديّة بين الشريحتين السكّانيّتين، ويُعزى بعضها الآخر إلى الجهاز الصحّيّ.

تعود جذور غياب المساواة في الجهاز الصحّيّ إلى سيرورات بدأت بالتطوُّر منذ إقامة دولة إسرائيل،[12] ففي تلك الفترة جرى تقزيم الاحتياجات الصحّيّة للبقيّة الباقية من الفلسطينيّين لصالح الاحتياجات الضخمة والمعقّدة لأفواج المهاجرين اليهود الذين وصلوا إلى البلاد،[13] وتلقَّوْا علاجاتهم عن طريق صناديق المرضى التي كانت قد بدأت تعمل في فترة الانتداب البريطانيّ. في تلك الفترة، شكّل الفلسطينيّون أغلبيّة مطلقة في البلاد وتلقَّوْا نوعين من الخدمات الصحّيّة: الخدمات الصحّيّة الحديثة التي وفّرها أطبّاء في عياداتهم الخاصّة، وكانت أعدادهم قليلة في تلك الفترة؛ وخدمات وفّرها مطبِّبون تقليديّون -وهؤلاء شكّلوا الأغلبيّة.[14]

عند إقامة إسرائيل، أهدرت الدولة فرصة بناء جهاز طبّيّ يضمن المساواة؛ فقد عمل جهاز “الخدمات الصحّيّة للأقلّيّات” من خلال التنسيق التامّ مع الحكم العسكريّ الذي خضع له مواطنو إسرائيل الفلسطينيّون على امتداد 18 عامًا (1948 – 1966). لهذا السبب تخلّف تطوير الخدمات الصحّيّة في المجتمع العربيّ كثيرًا عن تطويرها في المجتمع اليهوديّ. بعد إلغاء الحكم العسكريّ ودخول العرب إلى سوق العمل الإسرائيليّة، بدأ العرب يجنون الفائدة من خدمات الصحّة التابعة لصناديق المرضى، ولا سيّما أعضاء نقابة العمّال العامّة “الهستدروت” وأبناء عائلاتهم الذين حصلوا على غطاء تأمينيّ من خلال المشغّلين في سوق العمالة الإسرائيليّة، أو كانوا مقرّبين للأحزاب التي سيطرت على الهستدروت.[15] على هذا النحو بقي نحو ربع السكّان الفلسطينيّين في إسرائيل بدون تأمين صحّيّ من أيّ نوع كان؛[16] أمّا الموارد التي استُثمرت في تطوير الخدمات الصحّيّة في المدن والقرى العربيّة، فقد كانت شحيحة مقارَنةً بتلك التي جرى استثمارها في البلدات اليهوديّة.

على الرغم من أنّ قانون التأمين الوطنيّ الرسميّ الصادر عام 1994 قد غيّر هذا الوضع، وضَمِنَ سلّة خدمات صحّيّة لكلّ مواطن،[17] فإنّه -بسبب طبيعته العموميّة- لم يتطرّق على الدوام إلى المشاكل الصحّيّة التي يتفرّد بها المجتمع العربيّ، كما لم تتطرّق إليها السياسات التي اتّبعتها وزارة الصحّة. على سبيل المثال، على الرغم من أنّ نسبة المستخدَمين العرب في مهن التمريض والطبّ في وزارة الصحّة تفوق نسبة المستخدَمين العرب في وزارات حكوميّة أخرى (نحو 10% مقابل 6%)،[18] فإنّ تمثيل العرب في وظائف مركزيّة في إدارة وزارة الصحّة متدنٍّ شديد التدنّي وشبه معدوم، باستثناء بعض العاملين العرب في مواقع مرموقة في إدارات الألوية، ولا سيّما لواء الشمال.[19] هذا الواقع ينسحب كذلك على صناديق المرضى التي يشغل العرب وظائف قليلة جدًّا في إداراتها المركزيّة.[20] “تحييد” الاعتبارات السياسيّة عن المجال الصحّيّ، والتعامل معه كمجال كونيّ عامّ خالٍ من سياسات القوّة، أدّيا إلى دمج العرب كمستخدَمين في جهاز الصحّة من ناحية، لكنّه دفع في الوقت ذاته إلى ممارسة سياسات إقصائيّة للعرب عن الوظائف المركزيّة، وأدّى إلى عدم اعتراف وزارة الصحّة على امتداد سنوات عديدة بوجود الفجوات الإثنيّة في الصحّة بين المواطنين اليهود والمواطنين الفلسطينيّين، حتّى عندما عُرِضت هذه الفجوات في نشرات مختلفة أصدرتها الوزارة نفسها.

لهذا السبب لم تطبَّق سياسة ردم الفجوات،[21] إلّا في بعض الحالات الاستثنائيّة، كبرنامج تقليص وفَيات الرضَّع في جنوب البلاد الذي تحوم حول مدى نجاحه شكوكٌ كثيرة (وَفق تقرير شخصيّ قدّمته مديرة البرنامج).[22] مراجعة التقرير الأخير الذي أصدرته وزارة الصحّة تُظهِر أنّ ثمّة اليوم إقرارًا معيّنًا بوجود الفجوات بين السكّان اليهود والعرب في إسرائيل، لكن عمليًّا -حتّى كتابة هذه السطور- لا يجري تطبيق سياسة تفضيل مصحِّح في أيّ من المجالات، على الرغم من تطبيق هذه السياسة في صفوف مجموعات أقلّيّة أخرى (كالجمهور الأثيوبيّ -على سبيل المثال).[23] أحد الأمثلة البارزة هو موضوع التدخين في صفوف الرجال العرب، حيث تفوق نسبة المدخّنين العرب كثيرًا نسبة نُظَرائهم في صفوف اليهود (نحو 43% مقابل نحو 20%).[24] وقد أظهرت الأبحاث أنّ ثمّة علاقة مباشرة بين التدخين ونِسب الإصابة المرتفعة بمرض سرطان الرئة في صفوف الرجال العرب، لكن على الرغم من ذلك لم يَـجْرِ حتّى الآن تطبيق خطّة تمييز مصحِّح لمعالجة هذه الفجوة، ولم تُتّخَذ أيّة إجراءات وقائيّة، ولم توضَع خطط خاصّة لتقليص حجم التدخين في صفوف الرجال العرب، كما يحصل منذ سنين -وبنجاح- في قِطاعات معيّنة في الدولة (كالجيش -على سبيل المثال).[25]

علاوة على ذلك، ثمّة مشكلة مزمنة تتعلّق بمناليّة ووفرة الخدمات الصحّيّة في صفوف العرب، وهي تتعلّق بالتوزيع غير المتساوي لخدمات الصحّة، وتنبع من الفجوات القائمة بين المركز ومناطق الأطراف، وهذه الأخيرة تضمّ تجمُّعات كبيرة للعرب، ولا سيّما في منطقة الشمال. ووَفق تقرير وزارة الصحّة، لا يتمتّع سكّان مناطق الأطراف بمستوى الخدمات الصحّيّة نفسها التي يتمتّع بها سكّان المركز.[26] الغالبيّة العظمى من المواطنين الفلسطينيّين تسكن في هذه المناطق، ولذا ثمّة احتمال كبير أنّهم يعانون من نقص في الخدمات الصحّيّة التي تقدّمها صناديق المرضى ووزارة الصحّة. وبما أنّ الملفّات الطبّيّة لا تأتي على ذكر الانتماء الإثنيّ (القوميّة) في إطار خدمات الصحّة في المجتمع المحلّيّ، ثمّة صعوبة في تحديد مستوى الخدمات التي يحصل عليها العرب مقارَنةً باليهود تحديدًا دقيقًا، ولذا سيكون أيضًا من الصعب تحديد سياسة تصحيحيّة لهذا الوضع. وقد أظهر بحث نوعيّ (qualitative research) أُجْرِيَ قبل أكثر من عَقد واحد أنّ جودة الخدمات الصحّيّة التي تُقدَّم للجمهور العربيّ، ولا سيّما في منطقة الشمال، أقلّ من جودة الخدمات التي يحصل عليها الجمهور اليهوديّ.[27] في الكثير من الدول، يؤتى على ذكْر الهُويّة العرْقيّة للمعالَج، ويجري استخدام البيانات كقاعدة للتخطيط الإستراتيجيّ لخدمات الصحّة المتساوية (على سبيل المثال: غالبيّة دول الاتّحاد الأوروبيّ). [28]

خصخصة جهاز الصحّة الإسرائيليّ التي بدأت بالتعاظم في السنوات الأخيرة نهشت (وما زالت تنهش) في مبدأ المساواة الذي يرتكز عليه قانون التأمين الصحّيّ الرسميّ، وأدّت إلى ارتفاع في إنفاق الأفراد على الصحّة. هذه الخصخصة أضرّت بمناليّة الخدمات الصحّيّة الاقتصاديّة في صفوف المجموعات السكّانيّة الضعيفة، والجمهور العربيّ من بينها.[29] وبسبب التَّماسّ الوثيق في إسرائيل بين العِرْق والحالة الاقتصاديّة، تصل نِسَب الفقر في صفوف العائلات العربيّة إلى نحو 50%، بينما تصل هذه النسب في صفوف العائلات اليهوديّة إلى 14%.[30] وأظهرت الأبحاث امتناعًا عن استهلاك خدمات صحّيّة معيّنة وعن اقتناء أدوية ضروريّة، وذلك على خلفيّة الضائقة الاقتصاديّة في المجتمع العربيّ.

وأظهر تقرير نشرته منظّمة الصحّة العالميّة (2008)، حول موضوع تقليص غياب المساواة في الصحّة، أنّ الجهاز الصحّيّ لا يشكّل سوى عامل واحد من بين مجموعة العوامل الاجتماعيّة والاقتصاديّة التي تؤثّر على حالة الصحّة.[31] تأثير الجهاز الصحّيّ على الحالة الصحّيّة مهمّ، لكن ثمّة أهمّيّة أكبر لعوامل أخرى، نحو: التربية والتعليم ومستوى التحصيل العلميّ والتشغيل والعمل والرفاه والمواصلات والإسكان والخدمات الاجتماعيّة الأخرى. سياسة التمييز التي تمارسها إسرائيل تجاه مواطنيها الفلسطينيّين منذ سنين طويلة،[32] ودمجهم غير المتساوي في الاقتصاد الإسرائيليّ، دفعا إلى نموّ اقتصاديّ بطيء، بل حتّى إلى تدهور في أوضاعهم الاقتصاديّة، وهذا عامل مهمّ لتفسير وجود الفجوات في الصحّة بين المجموعتين السكّانيّتين.[33] سيرورات التغيير المتسارعة التي فُرِضت عنوةً على المجتمع الفلسطينيّ في العقود الأخيرة: النكبة في العام 1948، وتهجير الناس من أراضيهم وبيوتهم،[34] وسياسة مصادرة الأراضي وهدم المنازل،[35] كلّها ألحقت الضرر بثقة الفلسطينيّين بمؤسّسات الدولة، ووزارة الصحّة من بينها، وأثّرت على مفهوم الصحّة، وعلى أساليب العيش التي نزعت إلى النمط الغربيّ، وهو نمط غير صحّيّ بالضرورة. على سبيل المثال، تبيّن أنّ ثمّة علاقة بين أسلوب الحياة الذي يتطلّب الكثير من الجلوس، والممارسة القليلة للنشاط البدنيّ، ولا سيّما في صفوف النساء، وارتفاع الوزن والسمنة المفْرطة.[36]

ثمّة مشكلة أخرى لا تقلّ أهمّيّة عن سابقاتها، هي أنّ موضوع الصحّة ليس في أعلى سلّم الأفضليّة لدى صُنّاع القرار في إسرائيل بعامّة، ولا في المجتمع العربيّ بخاصّة. الصراع الإسرائيليّ الفلسطينيّ، ومكانة المجتمع العربيّ المتدنّية، والمشاكل الاقتصاديّة الاجتماعيّة، ولا سيّما الفقر والعنف والبطالة في صفوف الشباب بخاصّة، هذه كلّها تستقطب الاهتمام، ويجري في المقابل إهمال مواضيع أخرى كالاهتمام بالحالة الصحّيّة ومكافحة الأمراض. المجتمع العربيّ يصبّ جلّ طاقاته اليوم في صراع البقاء والمواجهة اليوميّة للسياسات الحكوميّة، العنصريّة في معظمها، والتي تلحق الضرر بالعرب كمواطنين متساوي الحقوق. علاوة على أنّ العنصريّة بذاتها تمسّ بالصحّة (على سبيل المثال: سياسة هدم المنازل التي تبقي عائلات بأكملها بدون مأوى سياسةٌ تنتهك الصحّة)،[37] سياسة القضاء على الفقر دون التطرّق العينيّ إلى الفقر في المجتمع العربيّ تحمل في طيّاتها الكثير من الإشكال، وقد تُفضي إلى توسيع الفجوات بين المجموعتين السكّانيّتين. كلّ هذه الأمور حرفت الاهتمام عن الانشغال بالصحّة في المجتمع العربيّ ومن قِبل القيادات المجتمعيّة. على سبيل المثال، لا يجري التطرُّق إلى موضوع الصحّة تطرُّقًا جِدّيًّا في أيّ من الوثائق الرؤيويّة التي وُضعت في المجتمع العربيّ في السنوات الأخيرة، وثمّة عدد قليل من الجمعيّات والمنظّمات المدنيّة التي تعمل في مجال الصحّة في المجتمع العربيّ، مقارَنةً بأعداد الجمعيّات التي تعمل في مواضيع اجتماعيّة أخرى، والنشاطُ المجتمعيّ في هذا المضمار شحيح جدًّا.

توصيات:

كي يطرأ تغيُّر جذريّ على الحالة الصحّيّة لدى المجتمع الفلسطينيّ في إسرائيل، ثمّة حاجة إلى تغيير جذريّ على صعيدين أساسيّين. على صعيد الجهاز الصحّيّ، يجب الاعتراف بوجود الفجوات الإثنيّة بين العرب واليهود في الصحّة وفي الخدمات الصحّيّة، والعمل على تقليصها. ثمّة أهمّيّة لفحص منظومة توزيع الخدمات الصحّيّة والتزويد بها من قِبل صناديق المرضى والعمل على تصحيح الفجوات التي في داخلها، وهو ما يتطلّب شفّافيّة في المعلومات من قِبل الصناديق. على توفير الخدمات الملاءَمة ثقافيًّا ولغويًّا للمرضى العرب أن يتحوّل إلى منهج عمل أساسيّ في الجهاز الصحّيّ. وعلى دمج العرب في الوظائف المرموقة داخل وزارة الصحّة وفي الجهاز الصحّيّ أن يصبح جزءًا من التخطيط الإستراتيجيّ الطويل الأمد لتقليص الفجوات.

من المهمّ تطبيق سياسة التمييز المصحِّح عبْر رصد ميزانيّات خاصّة لتقليص الفجوات في قضايا صحّيّة حارقة وملحّة، نحو: وفَيات الرضَّع؛ التدخين في صفوف الرجال؛ السمنة المفْرطة في صفوف النساء؛ السكّريّ؛ الحوادث في صفوف الأولاد؛ الصحّة النفسيّة؛ العنف داخل العائلة. يجب العمل على فضح العنصريّة والتمييز في وزارة الصحّة والقضاء عليهما عبْر تعيين مسؤولين عن هذه الظاهرة على مستوى الألوية، وعلى مستوى خدمات الصحّة المجتمعيّة وفي المستشفيات. الكثير من الدول في العالم أقامت أقسامًا خاصّة في جهازها الصحّيّ لمعالجة صحّة مجموعات الأقلّيّة. من أمثلة ذلك: المؤسّسات القوميّة للصحّة NIH في الولايات المتّحدة، والمؤسسّات القومية للصحّة NIH في بريطانيا. هذه الخطوة تستوجب تأهيل قوى بشريّة للملاءَمة الثقافيّة وتأهيل أشخاص لوظائف “مُروّجين للصحّة”. تصبح هذه الإستراتيجيّة ممكنة عندما يُدخِل مزوّدو الخدمات الصحّة رمزًا تشخيصيًّا للقوميّة والمنشأ في الملفّ الصحّيّ، كما هو متعارَف عليه في بعض الدول الغربيّة التي تجري فيها متابعة الفجوات في الصحّة ومن ثَمّ تُرصَد الميزانيّات الملائمة لدراسة الموضوع.

على مستوى المجتمع العربيّ في الداخل، من الواجب إقامة فريق عمل مهنيّ يعمل على تشخيص القضايا الصحّيّة الملحّة وينقلها لتكون ضمن معالجة قيادات المجتمع العربيّ (نوّاب البرلمان والأحزاب ورؤساء السلطات المحلّيّة)، وهؤلاء يستطيعون القيام بدَور مهمّ في هذا المضمار. يستطيع هذا الفريقُ العملَ من خلال التعاون مع صُنّاع القرار في جهاز الصحّة في سبيل تحسين الأوضاع الصحّيّة داخل المجتمع العربيّ الفلسطينيّ في إسرائيل، من خلال ممارسة الضغوط على صُنّاع القرار في الحكومة وفي وزارة الصحّة وفي الوزارات التي تتقاطع مواضيع انشغالها مع مواضيع انشغال وزارة الصحّة. من شأن تغيير السياسة الحكوميّة تجاه المجتمع العربيّ والتعامل مع أبنائه كمواطنين متساوي الحقوق أن يحسّن المكانة السياسيّة لهذا المجتمع، وأن يُفْضي إلى تقليص غياب المساواة الاجتماعيّ – الاقتصاديّ، ومن ثَمّ إلى تقليص غياب المساواة في الصحّة بين مواطني إسرائيل الفلسطينيّين ومواطنيها اليهود.

  • ترجم المقال من العبرية جلال حسن

[1] الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان (Universal Declaration of Human Rights)، الذي جرى التصديق عليه في العاشر من كانون الأوّل عام 1948؛ إعلان ألما-آتا من العام 1978، الذي تبنّته الدول الأعضاء في منظّمة الصحّة العالميّة؛ معاهدة أوتاوا للنهوض بالصحّة (Ottawa Charter for Health Promotion) التي جرى التوقيع عليها في العام 1986 في مؤتمر منظّمة الصحّة العالميّة.

[2] World Health Organization, Alma-Ata Declaration (1978)

[3] Michael Marmot, Carol D. Ryff, Larry L. Bumpass, Martin Shiply, and Nadine F. Marks, “Social Inequalities in Health: Next Questions and Converging Evidence,” Social Science and Medicine 44 (1997), pp. 901–910

[4] David R. Williams, “Race, Socioeconomic Status, and Health: The Added Effects of Racism and Discrimination,” Annals of the New York Academy of Sciences 896 (1999), pp. 173–188; Laia Becares, James Nazroo and Mai Stafford, “The Buffering Effects of Ethnic Density on Experienced Racism and Health,” Health & Place 15, 3 (2009), pp. 670–678; Signe S. Jervelund and Allan Krasnik, “Poorer Self-Perceived Health among Migrants and Ethnic Minorities versus the Majority Population in Europe: A Systematic Review,” International Journal of Public Health 55, 5 (2010), pp. 357–371; Jennifer S. Mindell, Craig S. Knott, Linda Ng Fat, Marilyn A. Roth, Orly Manor, Varda Soskolne and Nihaya Daoud, “Explanatory Factors for Health Inequalities across Different Ethnic and Gender Groups: Data from a National Survey in England,” Journal of Epidemiology and Community Health 68, 12 (2014), pp. 1133–1144

[5] Andrea E. Bombak and Sharon G. Bruce, “Self-Rated Health and Ethnicity: Focus on Indigenous Populations,” International Journal of Circumpolar Health 71, 1 (2012)

[6] Nihaya Daoud, “Explanatory Pathways to Socio-Economic Inequalities in Health among the Arabs in Israel,” Ph.D. dissertation, Hebrew University of Jerusalem, 2007

[7] Ameed Saabneh, “Arab-Jewish Gap in Life Expectancy in Israel,” European Journal of Public Health 26, 3 (2016), pp. 433–438; Wasef Na’amnih, Khitam Muhsen, Jalal Tarabeia, Ameed Saabneh and Manfred S. Green, “Trends in the Gap in Life Expectancy between Arabs and Jews in Israel between 1975 and 2004,” International Journal of Epidemiology 39, 5 (2010), pp. 1324–1332

[8] המרכז הלאומי לבקרת מחלות, מצב הבריאות בישראל 2010, תל השומר: המרכז הלאומי לבקרת מחלות, 2011.

[9] שם.

[10] הלשכה המרכזית לסטטיסטיקה, “תוחלת חיים בישראל 2014” (הודעה לתקשורת).

[11] שובל ואנסון (לעיל הערה 3).

[12] Nira Reiss, The Health Care of Arabs in Israel, Boulder, Colo.: Westview Press, 1991

[13] שם.

[14] Mark Farfel, Bruce Rosen, Ayeleth Berg and Revital Gross, Arabs’ and Jews’ Perceptions and Use of the Health System Following Implementation of the National Health Insurance Law: Findings from a Survey of the General Population, Jerusalem: JDC-Brookdale, 1997

[15] שם.

[16] רן רזניק, שילוב הערבים אזרחי ישראל במערכת הבריאות: סיפור הצלחה?, יוזמות קרן אברהם, 2011.

[17] שם.

[18] המרכז הלאומי לבקרת מחלות (לעיל הערה 9); ליאון אפשטיין, רחל גולדווג, שורוק אסמעיל, מרים גרינשטיין וברוך רוזן, צמצום אי-השוויון ואי-הצדק בבריאות בישראל: לקראת מדיניות לאומית ותכנית פעולה, מאיירס-ג’וינט-מכון ברוקדייל, 2006.

[19] כך לפי שיחה אישית עם מנהלת התוכנית.

[20] אמה אברבוך ושלומית אבני, אי-שוויון בבריאות וההתמודדות עמו, מנהל תכנון אסטרטגי וכלכלי, משרד הבריאות, 2015.

[21] חיים גבע הספיל, דו”ח שר הבריאות על העישון בישראל 2015, שירותי בריאות הציבור, משרד הבריאות, 2016.

[22] שם.

[23] אברבוך ואבני (לעיל הערה 20).

[24] אפשטיין ואחרים (לעיל הערה 18).

[25] European Union Agency for Fundamental Rights, Inequalities and Multiple Discrimination in Access to and Quality of Healthcare, Luxembourg: Publications Office of the European Union, 2013

[26] Dani Filc, “Circles of Exclusion: Obstacles in Access to Health Care Services in Israel,” International Journal of Health Services 40, 4 (2010), pp. 699–717

[27] שלמה סבירסקי, אתי קונור-אטיאס ואריאן אופיר, תמונת מצב חברתית 2013, מרכז אדוה, 2014.

[28] Michael Marmot, Sharon Friel, Ruth Bell, Tanja A. J. Houweling and Sebastian Taylor, “Closing the Gap in a Generation: Health Equity through Action on the Social Determinants of Health,” The Lancet 372, 9650 (2008), pp. 1661–1669

[29] סבירסקי ואחרים (לעיל הערה 27).

[30] Nihaya Daoud, Varda Soskolne, Jennifer Mindell, Marilyn Roth and Orly Manor, “Ethnic Inequalities in Health in Israel: The Contribution of Socio-Economic Position” (forthcoming)

[31] Nihaya Daoud, Ketan Shankardass, Patricia O’Campo, Kim Anderson and Ayman K. Agbaria, “Internal Displacement and Health among the Palestinian Minority in Israel,” Social Science & Medicine 74, 8 (2012), pp. 1163–1171

[32] Nihaya Daoud and Yousef Jabareen, “Increased Depressive Symptoms among Arab Bedouin Women Under Threat of House Demolition in Southern Israel,” Health and Human Rights 16, 1 (2014), pp. 179–191

[33] Ofra Kalter-Leibovici et al., “High Rates of Obesity and Diabetes among Israeli Arabs: Preliminary Results of the Hadera District Study,” paper presented at the American Diabetes Association 63rd Scientific Sessions, New Orleans, June 13–17, 2003

[34] דאוד וג’בארין (לעיל הערה 32).[/vc_column_text][/vc_column][vc_column width=”1/4″][our_team style=”vertical” heading=”ד״ר ניהאיה דאוד” image=”1019″]מרצה בכירה במחלקה לבריאות הציבור, יו”ר המסלול לקידום בריאות ויו”ר ועדת האתיקה בפקולטה למדעי הבריאות, אוניברסיטת בן-גוריון בנגב

د. نهاية داوود: محاضِرة كبيرة في قسم صحّة الجمهور، ورئيسة مسار النهوض بالصحّة، ورئيسة لجنة الأخلاق في قسم العلوم الصحّيّة، جامعة بن غوريون في النقب.

نهايه داوود

מִנְבַּר

العدد السابع: ضغط دم محلّي: العرب واليهود في جهاز الصحة الإسرائيلي، العدد التاسع: القومية والشراكة في إسرائيل: التوليف السياسي لقوميتين في مواطنة واحدة

الحقّ في الصحّة هو من حقوق الإنسان الأساسيّة التي جرى ترسيخها في المعاهدات الدوليّة التي وضعتها الأمم المتّحدة.[1] الصحّة هي مورد شديد الأهمّيّة في سبيل ممارسة حياة يوميّة سليمة، ومن أجل بناء مجتمع منتج. إعلان ألما آتا لمنظّمة الصحّة العالميّة من العام 1978 ناشد الدول الأعضاء من أجل تطبيق مبدأ المساواة في الصحّة وتقليص الفجوات بين الدول، وفي داخلها.[2] على الرغم من ذلك، لا تنجح معظم الدول في العالم في الوصول إلى المساواة في الصحّة، وثمّة فجوات بين مجموعات سكّانيّة مختلفة.[3] يمكن لغياب المساواة في الصحّة أن ينعكس في واحدة -أو أكثر- من الحالات التالية: عندما لا يكفل القانون الحقّ الأساسيّ في الصحّة، أي في ظلّ غياب قانون صحّة رسميّ؛ وعندما لا يكون توزيع الخدمات الصحّيّة متساويًا؛ وعندما لا تتساوى الحالة الصحّيّة لدى مجموعات سكّانية مختلفة.[4] الصحّة البدنيّة والنفسيّة لمجموعات الأقلّيّة في العالم، بمن فيها مجموعة السكّان الأصلانيّين، أقلّ جودة من صحّة الجمهور العامّ.[5] الأبحاث المستجدّة في هذا المضمار تشير إلى أنّ جذور غياب المساواة في الصحّة ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالهيكليّة الاجتماعيّة – الاقتصاديّة وبالفجوات الاجتماعيّة – الاقتصاديّة، والطبقيّة، والسياسيّة، والجندريّة، ومردّ جميعها إلى التمييز والتوزيع غير المتساوي للموارد، وعلاقات القوّة داخل المجتمع.[6]

في إسرائيل، يرتكز قانون الصحّة الرسميّ الصادر عام 1994 على مبادئ المساواة والعدل، ويُعتبر جهاز الصحّة فيها من أفضل الأجهزة الصحّيّة في العالم؛ لكن على الرغم من التحسين الذي طرأ على مؤشّرات الصحّة لمجْمَل السكّان منذ إقامة إسرائيل حتّى اليوم، ما زالت هناك فجوات في الصحّة بين مجموعات سكّانيّة مختلفة. الفجوات الأساسيّة في الصحّة قائمة في الأساس بين المجموعتين العرْقيّتين الكُبريَيْن في البلاد: السكّان الفلسطينيّين مواطني إسرائيل، ومواطنيها من السكّان اليهود.[7] هذه الفجوات تَظهَر على نحوٍ شبه متساوق في مؤشّرات صحّيّة متدنّية في صفوف الجمهور العربيّ مقارنة بالجمهور اليهوديّ: متوسّط العمر المتوقّع عند الولادة أقلّ؛[8] وفَيات الرضَّع أعلى؛[9] النسب في انتشار الأمراض المزمنة (نحو السكّريّ وسرطان الرئة) أعلى؛ مستوى الصحّة النفسيّة أدنى.[10] يضاف إلى ذلك أنّ الفجوة في بعض المؤشّرات تشهد ارتفاعًا؛ فعلى سبيل المثال، قبل عشرين عامًا كان الفرق في متوسّط العمر المتوقّع عند الولادة بين المجموعتين عامين، لكنّه يبلغ اليوم 3.3 عام لصالح المجموعة السكّانيّة اليهوديّة.[11]

في ما يلي، سأسعى إلى التوقّف عند العوامل الأساسيّة لغياب المساواة في الصحّة بين اليهود والفلسطينيّين مواطني إسرائيل، وذلك من خلال الرجوع إلى الأدبيّات المهنيّة ومصادر داعمة.

غياب المساواة العِرْقيّ في إسرائيل يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالمكانة السياسيّة المتدنّية للفلسطينيّين مواطني إسرائيل، ويعكس سيرورات تاريخيّة وطبقيّة واجتماعيّة – اقتصاديّة مرّ بها المجتمع العربيّ، يتّصل بعضها بسياسات التمييز المتعاقبة وغياب المساواة الاجتماعيّة – الاقتصاديّة بين الشريحتين السكّانيّتين، ويُعزى بعضها الآخر إلى الجهاز الصحّيّ.

تعود جذور غياب المساواة في الجهاز الصحّيّ إلى سيرورات بدأت بالتطوُّر منذ إقامة دولة إسرائيل،[12] ففي تلك الفترة جرى تقزيم الاحتياجات الصحّيّة للبقيّة الباقية من الفلسطينيّين لصالح الاحتياجات الضخمة والمعقّدة لأفواج المهاجرين اليهود الذين وصلوا إلى البلاد،[13] وتلقَّوْا علاجاتهم عن طريق صناديق المرضى التي كانت قد بدأت تعمل في فترة الانتداب البريطانيّ. في تلك الفترة، شكّل الفلسطينيّون أغلبيّة مطلقة في البلاد وتلقَّوْا نوعين من الخدمات الصحّيّة: الخدمات الصحّيّة الحديثة التي وفّرها أطبّاء في عياداتهم الخاصّة، وكانت أعدادهم قليلة في تلك الفترة؛ وخدمات وفّرها مطبِّبون تقليديّون -وهؤلاء شكّلوا الأغلبيّة.[14]

عند إقامة إسرائيل، أهدرت الدولة فرصة بناء جهاز طبّيّ يضمن المساواة؛ فقد عمل جهاز “الخدمات الصحّيّة للأقلّيّات” من خلال التنسيق التامّ مع الحكم العسكريّ الذي خضع له مواطنو إسرائيل الفلسطينيّون على امتداد 18 عامًا (1948 – 1966). لهذا السبب تخلّف تطوير الخدمات الصحّيّة في المجتمع العربيّ كثيرًا عن تطويرها في المجتمع اليهوديّ. بعد إلغاء الحكم العسكريّ ودخول العرب إلى سوق العمل الإسرائيليّة، بدأ العرب يجنون الفائدة من خدمات الصحّة التابعة لصناديق المرضى، ولا سيّما أعضاء نقابة العمّال العامّة “الهستدروت” وأبناء عائلاتهم الذين حصلوا على غطاء تأمينيّ من خلال المشغّلين في سوق العمالة الإسرائيليّة، أو كانوا مقرّبين للأحزاب التي سيطرت على الهستدروت.[15] على هذا النحو بقي نحو ربع السكّان الفلسطينيّين في إسرائيل بدون تأمين صحّيّ من أيّ نوع كان؛[16] أمّا الموارد التي استُثمرت في تطوير الخدمات الصحّيّة في المدن والقرى العربيّة، فقد كانت شحيحة مقارَنةً بتلك التي جرى استثمارها في البلدات اليهوديّة.

على الرغم من أنّ قانون التأمين الوطنيّ الرسميّ الصادر عام 1994 قد غيّر هذا الوضع، وضَمِنَ سلّة خدمات صحّيّة لكلّ مواطن،[17] فإنّه -بسبب طبيعته العموميّة- لم يتطرّق على الدوام إلى المشاكل الصحّيّة التي يتفرّد بها المجتمع العربيّ، كما لم تتطرّق إليها السياسات التي اتّبعتها وزارة الصحّة. على سبيل المثال، على الرغم من أنّ نسبة المستخدَمين العرب في مهن التمريض والطبّ في وزارة الصحّة تفوق نسبة المستخدَمين العرب في وزارات حكوميّة أخرى (نحو 10% مقابل 6%)،[18] فإنّ تمثيل العرب في وظائف مركزيّة في إدارة وزارة الصحّة متدنٍّ شديد التدنّي وشبه معدوم، باستثناء بعض العاملين العرب في مواقع مرموقة في إدارات الألوية، ولا سيّما لواء الشمال.[19] هذا الواقع ينسحب كذلك على صناديق المرضى التي يشغل العرب وظائف قليلة جدًّا في إداراتها المركزيّة.[20] “تحييد” الاعتبارات السياسيّة عن المجال الصحّيّ، والتعامل معه كمجال كونيّ عامّ خالٍ من سياسات القوّة، أدّيا إلى دمج العرب كمستخدَمين في جهاز الصحّة من ناحية، لكنّه دفع في الوقت ذاته إلى ممارسة سياسات إقصائيّة للعرب عن الوظائف المركزيّة، وأدّى إلى عدم اعتراف وزارة الصحّة على امتداد سنوات عديدة بوجود الفجوات الإثنيّة في الصحّة بين المواطنين اليهود والمواطنين الفلسطينيّين، حتّى عندما عُرِضت هذه الفجوات في نشرات مختلفة أصدرتها الوزارة نفسها.

لهذا السبب لم تطبَّق سياسة ردم الفجوات،[21] إلّا في بعض الحالات الاستثنائيّة، كبرنامج تقليص وفَيات الرضَّع في جنوب البلاد الذي تحوم حول مدى نجاحه شكوكٌ كثيرة (وَفق تقرير شخصيّ قدّمته مديرة البرنامج).[22] مراجعة التقرير الأخير الذي أصدرته وزارة الصحّة تُظهِر أنّ ثمّة اليوم إقرارًا معيّنًا بوجود الفجوات بين السكّان اليهود والعرب في إسرائيل، لكن عمليًّا -حتّى كتابة هذه السطور- لا يجري تطبيق سياسة تفضيل مصحِّح في أيّ من المجالات، على الرغم من تطبيق هذه السياسة في صفوف مجموعات أقلّيّة أخرى (كالجمهور الأثيوبيّ -على سبيل المثال).[23] أحد الأمثلة البارزة هو موضوع التدخين في صفوف الرجال العرب، حيث تفوق نسبة المدخّنين العرب كثيرًا نسبة نُظَرائهم في صفوف اليهود (نحو 43% مقابل نحو 20%).[24] وقد أظهرت الأبحاث أنّ ثمّة علاقة مباشرة بين التدخين ونِسب الإصابة المرتفعة بمرض سرطان الرئة في صفوف الرجال العرب، لكن على الرغم من ذلك لم يَـجْرِ حتّى الآن تطبيق خطّة تمييز مصحِّح لمعالجة هذه الفجوة، ولم تُتّخَذ أيّة إجراءات وقائيّة، ولم توضَع خطط خاصّة لتقليص حجم التدخين في صفوف الرجال العرب، كما يحصل منذ سنين -وبنجاح- في قِطاعات معيّنة في الدولة (كالجيش -على سبيل المثال).[25]

علاوة على ذلك، ثمّة مشكلة مزمنة تتعلّق بمناليّة ووفرة الخدمات الصحّيّة في صفوف العرب، وهي تتعلّق بالتوزيع غير المتساوي لخدمات الصحّة، وتنبع من الفجوات القائمة بين المركز ومناطق الأطراف، وهذه الأخيرة تضمّ تجمُّعات كبيرة للعرب، ولا سيّما في منطقة الشمال. ووَفق تقرير وزارة الصحّة، لا يتمتّع سكّان مناطق الأطراف بمستوى الخدمات الصحّيّة نفسها التي يتمتّع بها سكّان المركز.[26] الغالبيّة العظمى من المواطنين الفلسطينيّين تسكن في هذه المناطق، ولذا ثمّة احتمال كبير أنّهم يعانون من نقص في الخدمات الصحّيّة التي تقدّمها صناديق المرضى ووزارة الصحّة. وبما أنّ الملفّات الطبّيّة لا تأتي على ذكر الانتماء الإثنيّ (القوميّة) في إطار خدمات الصحّة في المجتمع المحلّيّ، ثمّة صعوبة في تحديد مستوى الخدمات التي يحصل عليها العرب مقارَنةً باليهود تحديدًا دقيقًا، ولذا سيكون أيضًا من الصعب تحديد سياسة تصحيحيّة لهذا الوضع. وقد أظهر بحث نوعيّ (qualitative research) أُجْرِيَ قبل أكثر من عَقد واحد أنّ جودة الخدمات الصحّيّة التي تُقدَّم للجمهور العربيّ، ولا سيّما في منطقة الشمال، أقلّ من جودة الخدمات التي يحصل عليها الجمهور اليهوديّ.[27] في الكثير من الدول، يؤتى على ذكْر الهُويّة العرْقيّة للمعالَج، ويجري استخدام البيانات كقاعدة للتخطيط الإستراتيجيّ لخدمات الصحّة المتساوية (على سبيل المثال: غالبيّة دول الاتّحاد الأوروبيّ). [28]

خصخصة جهاز الصحّة الإسرائيليّ التي بدأت بالتعاظم في السنوات الأخيرة نهشت (وما زالت تنهش) في مبدأ المساواة الذي يرتكز عليه قانون التأمين الصحّيّ الرسميّ، وأدّت إلى ارتفاع في إنفاق الأفراد على الصحّة. هذه الخصخصة أضرّت بمناليّة الخدمات الصحّيّة الاقتصاديّة في صفوف المجموعات السكّانيّة الضعيفة، والجمهور العربيّ من بينها.[29] وبسبب التَّماسّ الوثيق في إسرائيل بين العِرْق والحالة الاقتصاديّة، تصل نِسَب الفقر في صفوف العائلات العربيّة إلى نحو 50%، بينما تصل هذه النسب في صفوف العائلات اليهوديّة إلى 14%.[30] وأظهرت الأبحاث امتناعًا عن استهلاك خدمات صحّيّة معيّنة وعن اقتناء أدوية ضروريّة، وذلك على خلفيّة الضائقة الاقتصاديّة في المجتمع العربيّ.

وأظهر تقرير نشرته منظّمة الصحّة العالميّة (2008)، حول موضوع تقليص غياب المساواة في الصحّة، أنّ الجهاز الصحّيّ لا يشكّل سوى عامل واحد من بين مجموعة العوامل الاجتماعيّة والاقتصاديّة التي تؤثّر على حالة الصحّة.[31] تأثير الجهاز الصحّيّ على الحالة الصحّيّة مهمّ، لكن ثمّة أهمّيّة أكبر لعوامل أخرى، نحو: التربية والتعليم ومستوى التحصيل العلميّ والتشغيل والعمل والرفاه والمواصلات والإسكان والخدمات الاجتماعيّة الأخرى. سياسة التمييز التي تمارسها إسرائيل تجاه مواطنيها الفلسطينيّين منذ سنين طويلة،[32] ودمجهم غير المتساوي في الاقتصاد الإسرائيليّ، دفعا إلى نموّ اقتصاديّ بطيء، بل حتّى إلى تدهور في أوضاعهم الاقتصاديّة، وهذا عامل مهمّ لتفسير وجود الفجوات في الصحّة بين المجموعتين السكّانيّتين.[33] سيرورات التغيير المتسارعة التي فُرِضت عنوةً على المجتمع الفلسطينيّ في العقود الأخيرة: النكبة في العام 1948، وتهجير الناس من أراضيهم وبيوتهم،[34] وسياسة مصادرة الأراضي وهدم المنازل،[35] كلّها ألحقت الضرر بثقة الفلسطينيّين بمؤسّسات الدولة، ووزارة الصحّة من بينها، وأثّرت على مفهوم الصحّة، وعلى أساليب العيش التي نزعت إلى النمط الغربيّ، وهو نمط غير صحّيّ بالضرورة. على سبيل المثال، تبيّن أنّ ثمّة علاقة بين أسلوب الحياة الذي يتطلّب الكثير من الجلوس، والممارسة القليلة للنشاط البدنيّ، ولا سيّما في صفوف النساء، وارتفاع الوزن والسمنة المفْرطة.[36]

ثمّة مشكلة أخرى لا تقلّ أهمّيّة عن سابقاتها، هي أنّ موضوع الصحّة ليس في أعلى سلّم الأفضليّة لدى صُنّاع القرار في إسرائيل بعامّة، ولا في المجتمع العربيّ بخاصّة. الصراع الإسرائيليّ الفلسطينيّ، ومكانة المجتمع العربيّ المتدنّية، والمشاكل الاقتصاديّة الاجتماعيّة، ولا سيّما الفقر والعنف والبطالة في صفوف الشباب بخاصّة، هذه كلّها تستقطب الاهتمام، ويجري في المقابل إهمال مواضيع أخرى كالاهتمام بالحالة الصحّيّة ومكافحة الأمراض. المجتمع العربيّ يصبّ جلّ طاقاته اليوم في صراع البقاء والمواجهة اليوميّة للسياسات الحكوميّة، العنصريّة في معظمها، والتي تلحق الضرر بالعرب كمواطنين متساوي الحقوق. علاوة على أنّ العنصريّة بذاتها تمسّ بالصحّة (على سبيل المثال: سياسة هدم المنازل التي تبقي عائلات بأكملها بدون مأوى سياسةٌ تنتهك الصحّة)،[37] سياسة القضاء على الفقر دون التطرّق العينيّ إلى الفقر في المجتمع العربيّ تحمل في طيّاتها الكثير من الإشكال، وقد تُفضي إلى توسيع الفجوات بين المجموعتين السكّانيّتين. كلّ هذه الأمور حرفت الاهتمام عن الانشغال بالصحّة في المجتمع العربيّ ومن قِبل القيادات المجتمعيّة. على سبيل المثال، لا يجري التطرُّق إلى موضوع الصحّة تطرُّقًا جِدّيًّا في أيّ من الوثائق الرؤيويّة التي وُضعت في المجتمع العربيّ في السنوات الأخيرة، وثمّة عدد قليل من الجمعيّات والمنظّمات المدنيّة التي تعمل في مجال الصحّة في المجتمع العربيّ، مقارَنةً بأعداد الجمعيّات التي تعمل في مواضيع اجتماعيّة أخرى، والنشاطُ المجتمعيّ في هذا المضمار شحيح جدًّا.

توصيات:

كي يطرأ تغيُّر جذريّ على الحالة الصحّيّة لدى المجتمع الفلسطينيّ في إسرائيل، ثمّة حاجة إلى تغيير جذريّ على صعيدين أساسيّين. على صعيد الجهاز الصحّيّ، يجب الاعتراف بوجود الفجوات الإثنيّة بين العرب واليهود في الصحّة وفي الخدمات الصحّيّة، والعمل على تقليصها. ثمّة أهمّيّة لفحص منظومة توزيع الخدمات الصحّيّة والتزويد بها من قِبل صناديق المرضى والعمل على تصحيح الفجوات التي في داخلها، وهو ما يتطلّب شفّافيّة في المعلومات من قِبل الصناديق. على توفير الخدمات الملاءَمة ثقافيًّا ولغويًّا للمرضى العرب أن يتحوّل إلى منهج عمل أساسيّ في الجهاز الصحّيّ. وعلى دمج العرب في الوظائف المرموقة داخل وزارة الصحّة وفي الجهاز الصحّيّ أن يصبح جزءًا من التخطيط الإستراتيجيّ الطويل الأمد لتقليص الفجوات.

من المهمّ تطبيق سياسة التمييز المصحِّح عبْر رصد ميزانيّات خاصّة لتقليص الفجوات في قضايا صحّيّة حارقة وملحّة، نحو: وفَيات الرضَّع؛ التدخين في صفوف الرجال؛ السمنة المفْرطة في صفوف النساء؛ السكّريّ؛ الحوادث في صفوف الأولاد؛ الصحّة النفسيّة؛ العنف داخل العائلة. يجب العمل على فضح العنصريّة والتمييز في وزارة الصحّة والقضاء عليهما عبْر تعيين مسؤولين عن هذه الظاهرة على مستوى الألوية، وعلى مستوى خدمات الصحّة المجتمعيّة وفي المستشفيات. الكثير من الدول في العالم أقامت أقسامًا خاصّة في جهازها الصحّيّ لمعالجة صحّة مجموعات الأقلّيّة. من أمثلة ذلك: المؤسّسات القوميّة للصحّة NIH في الولايات المتّحدة، والمؤسسّات القومية للصحّة NIH في بريطانيا. هذه الخطوة تستوجب تأهيل قوى بشريّة للملاءَمة الثقافيّة وتأهيل أشخاص لوظائف “مُروّجين للصحّة”. تصبح هذه الإستراتيجيّة ممكنة عندما يُدخِل مزوّدو الخدمات الصحّة رمزًا تشخيصيًّا للقوميّة والمنشأ في الملفّ الصحّيّ، كما هو متعارَف عليه في بعض الدول الغربيّة التي تجري فيها متابعة الفجوات في الصحّة ومن ثَمّ تُرصَد الميزانيّات الملائمة لدراسة الموضوع.

على مستوى المجتمع العربيّ في الداخل، من الواجب إقامة فريق عمل مهنيّ يعمل على تشخيص القضايا الصحّيّة الملحّة وينقلها لتكون ضمن معالجة قيادات المجتمع العربيّ (نوّاب البرلمان والأحزاب ورؤساء السلطات المحلّيّة)، وهؤلاء يستطيعون القيام بدَور مهمّ في هذا المضمار. يستطيع هذا الفريقُ العملَ من خلال التعاون مع صُنّاع القرار في جهاز الصحّة في سبيل تحسين الأوضاع الصحّيّة داخل المجتمع العربيّ الفلسطينيّ في إسرائيل، من خلال ممارسة الضغوط على صُنّاع القرار في الحكومة وفي وزارة الصحّة وفي الوزارات التي تتقاطع مواضيع انشغالها مع مواضيع انشغال وزارة الصحّة. من شأن تغيير السياسة الحكوميّة تجاه المجتمع العربيّ والتعامل مع أبنائه كمواطنين متساوي الحقوق أن يحسّن المكانة السياسيّة لهذا المجتمع، وأن يُفْضي إلى تقليص غياب المساواة الاجتماعيّ – الاقتصاديّ، ومن ثَمّ إلى تقليص غياب المساواة في الصحّة بين مواطني إسرائيل الفلسطينيّين ومواطنيها اليهود.

  • ترجم المقال من العبرية جلال حسن

[1] الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان (Universal Declaration of Human Rights)، الذي جرى التصديق عليه في العاشر من كانون الأوّل عام 1948؛ إعلان ألما-آتا من العام 1978، الذي تبنّته الدول الأعضاء في منظّمة الصحّة العالميّة؛ معاهدة أوتاوا للنهوض بالصحّة (Ottawa Charter for Health Promotion) التي جرى التوقيع عليها في العام 1986 في مؤتمر منظّمة الصحّة العالميّة.

[2] World Health Organization, Alma-Ata Declaration (1978)

[3] Michael Marmot, Carol D. Ryff, Larry L. Bumpass, Martin Shiply, and Nadine F. Marks, “Social Inequalities in Health: Next Questions and Converging Evidence,” Social Science and Medicine 44 (1997), pp. 901–910

[4] David R. Williams, “Race, Socioeconomic Status, and Health: The Added Effects of Racism and Discrimination,” Annals of the New York Academy of Sciences 896 (1999), pp. 173–188; Laia Becares, James Nazroo and Mai Stafford, “The Buffering Effects of Ethnic Density on Experienced Racism and Health,” Health & Place 15, 3 (2009), pp. 670–678; Signe S. Jervelund and Allan Krasnik, “Poorer Self-Perceived Health among Migrants and Ethnic Minorities versus the Majority Population in Europe: A Systematic Review,” International Journal of Public Health 55, 5 (2010), pp. 357–371; Jennifer S. Mindell, Craig S. Knott, Linda Ng Fat, Marilyn A. Roth, Orly Manor, Varda Soskolne and Nihaya Daoud, “Explanatory Factors for Health Inequalities across Different Ethnic and Gender Groups: Data from a National Survey in England,” Journal of Epidemiology and Community Health 68, 12 (2014), pp. 1133–1144

[5] Andrea E. Bombak and Sharon G. Bruce, “Self-Rated Health and Ethnicity: Focus on Indigenous Populations,” International Journal of Circumpolar Health 71, 1 (2012)

[6] Nihaya Daoud, “Explanatory Pathways to Socio-Economic Inequalities in Health among the Arabs in Israel,” Ph.D. dissertation, Hebrew University of Jerusalem, 2007

[7] Ameed Saabneh, “Arab-Jewish Gap in Life Expectancy in Israel,” European Journal of Public Health 26, 3 (2016), pp. 433–438; Wasef Na’amnih, Khitam Muhsen, Jalal Tarabeia, Ameed Saabneh and Manfred S. Green, “Trends in the Gap in Life Expectancy between Arabs and Jews in Israel between 1975 and 2004,” International Journal of Epidemiology 39, 5 (2010), pp. 1324–1332

[8] המרכז הלאומי לבקרת מחלות, מצב הבריאות בישראל 2010, תל השומר: המרכז הלאומי לבקרת מחלות, 2011.

[9] שם.

[10] הלשכה המרכזית לסטטיסטיקה, “תוחלת חיים בישראל 2014” (הודעה לתקשורת).

[11] שובל ואנסון (לעיל הערה 3).

[12] Nira Reiss, The Health Care of Arabs in Israel, Boulder, Colo.: Westview Press, 1991

[13] שם.

[14] Mark Farfel, Bruce Rosen, Ayeleth Berg and Revital Gross, Arabs’ and Jews’ Perceptions and Use of the Health System Following Implementation of the National Health Insurance Law: Findings from a Survey of the General Population, Jerusalem: JDC-Brookdale, 1997

[15] שם.

[16] רן רזניק, שילוב הערבים אזרחי ישראל במערכת הבריאות: סיפור הצלחה?, יוזמות קרן אברהם, 2011.

[17] שם.

[18] המרכז הלאומי לבקרת מחלות (לעיל הערה 9); ליאון אפשטיין, רחל גולדווג, שורוק אסמעיל, מרים גרינשטיין וברוך רוזן, צמצום אי-השוויון ואי-הצדק בבריאות בישראל: לקראת מדיניות לאומית ותכנית פעולה, מאיירס-ג’וינט-מכון ברוקדייל, 2006.

[19] כך לפי שיחה אישית עם מנהלת התוכנית.

[20] אמה אברבוך ושלומית אבני, אי-שוויון בבריאות וההתמודדות עמו, מנהל תכנון אסטרטגי וכלכלי, משרד הבריאות, 2015.

[21] חיים גבע הספיל, דו”ח שר הבריאות על העישון בישראל 2015, שירותי בריאות הציבור, משרד הבריאות, 2016.

[22] שם.

[23] אברבוך ואבני (לעיל הערה 20).

[24] אפשטיין ואחרים (לעיל הערה 18).

[25] European Union Agency for Fundamental Rights, Inequalities and Multiple Discrimination in Access to and Quality of Healthcare, Luxembourg: Publications Office of the European Union, 2013

[26] Dani Filc, “Circles of Exclusion: Obstacles in Access to Health Care Services in Israel,” International Journal of Health Services 40, 4 (2010), pp. 699–717

[27] שלמה סבירסקי, אתי קונור-אטיאס ואריאן אופיר, תמונת מצב חברתית 2013, מרכז אדוה, 2014.

[28] Michael Marmot, Sharon Friel, Ruth Bell, Tanja A. J. Houweling and Sebastian Taylor, “Closing the Gap in a Generation: Health Equity through Action on the Social Determinants of Health,” The Lancet 372, 9650 (2008), pp. 1661–1669

[29] סבירסקי ואחרים (לעיל הערה 27).

[30] Nihaya Daoud, Varda Soskolne, Jennifer Mindell, Marilyn Roth and Orly Manor, “Ethnic Inequalities in Health in Israel: The Contribution of Socio-Economic Position” (forthcoming)

[31] Nihaya Daoud, Ketan Shankardass, Patricia O’Campo, Kim Anderson and Ayman K. Agbaria, “Internal Displacement and Health among the Palestinian Minority in Israel,” Social Science & Medicine 74, 8 (2012), pp. 1163–1171

[32] Nihaya Daoud and Yousef Jabareen, “Increased Depressive Symptoms among Arab Bedouin Women Under Threat of House Demolition in Southern Israel,” Health and Human Rights 16, 1 (2014), pp. 179–191

[33] Ofra Kalter-Leibovici et al., “High Rates of Obesity and Diabetes among Israeli Arabs: Preliminary Results of the Hadera District Study,” paper presented at the American Diabetes Association 63rd Scientific Sessions, New Orleans, June 13–17, 2003

[34] דאוד וג’בארין (לעיל הערה 32).[/vc_column_text][/vc_column][vc_column width=”1/4″][our_team style=”vertical” heading=”ד״ר ניהאיה דאוד” image=”1019″]מרצה בכירה במחלקה לבריאות הציבור, יו”ר המסלול לקידום בריאות ויו”ר ועדת האתיקה בפקולטה למדעי הבריאות, אוניברסיטת בן-גוריון בנגב

د. نهاية داوود: محاضِرة كبيرة في قسم صحّة الجمهور، ورئيسة مسار النهوض بالصحّة، ورئيسة لجنة الأخلاق في قسم العلوم الصحّيّة، جامعة بن غوريون في النقب.

Below are share buttons

גליונות אחרונים

לכל הגליונות