Below are share buttons

القائمة المشتركة، بين الواقعية، السياسة ووهم التأثير

عدد 09,

جاء تشكيل “القائمة المشتركة” للأحزاب السياسية الأربعة قبيل انتخابات الكنيست العشرين، والتي جرت في آذار 2015، كخطوة تكتيكية لضمان استمرار وجود هذه الأحزاب في الكنيست، على أثر رفع نسبة الحسم من 2% الى 3,25% في حينه، الأمر الذي شكل تهديداً حقيقياً لفرص هذه الأحزاب، أو بعضها في أقل تقدير، في عبور نسبة الحسم ودخول البرلمان الإسرائيلي. مرت منذ تشكيل القائمة المشتركة خمس سنوات جرت خلالها أربع جولات انتخابية للكنيست شاركت فيها القائمة المشتركة بشكل موحد ثلاث مرات (في انتخابات الكنيست الحادية والعشرين في نيسان 2019 انقسمت مركبات القائمة إلى قائمتين انتخابيتين). لن أناقش في هذا المقال القصير السياق الذي تشكلت فيه القائمة المشتركة ومنظومة المصالح السياسية، الحزبية والشخصية، التي كانت خلف ذلك ولا سيرورة تطور نهجها وأدائها داخل الكنيست وخارجه في المجالات المختلفة السياسية، الاجتماعية، الاقتصادية وغيرها من القضايا المجتمعية والتطورات المهمة في السياسة الحزبية الفلسطينية داخل اسرائيل، إنما أودّ هنا التركيز على جولتيّ الانتخابات الأخيرتين في أيلول 2019 وفي شباط 2020، بعد عودة الأحزاب الأربعة إلى خوض الانتخابات في قائمة انتخابية واحدة، وحيال التحولات التي نشهدها في خطاب القائمة المشتركة ونهجها ودورها. بكلمات أخرى، تستدعي التجربة التي أمامنا التوقف عندها لما تمثله من تطور راهن في العلاقة بين المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل وبين الدولة وسياساتها تجاههم، بالإضافة إلى النقاش الداخلي بين مركبات هذا الشعب وأفراده حول هويته الوطنية، مكانته ومواطنته في الدولة اليهودية وعلاقته بها وبالأغلبية اليهودية من المواطنين فيها.

تأخذنا هذه المقدمة إلى طرح جملة من الأسئلة المفتوحة للنقاش والتفكير والتي من شأنها أن تمثل بداية لاجتهاد سياسي، فكريّ ونظريّ، في إطار معرفيّ متعلق بالشعوب المقهورة والمستعمَرة في نضالها وتنظّمها وحراكها في ظل أنظمة استعمارية إقصائية: كيف نقرأ خطاب التأثير الذي رفعته القائمة المشتركة، التأثير على النظام السياسي من داخله والتأثير بمفهومه الأوسع على الأغلبية اليهودية؟ هل يمكن فعلاً لشعب يشكل “أقلية” (أصلانية في هذه الحالة)، في دولة تعرّف نفسها بتعريف عنصري وإقصائي لمن ليس يهودياً، تشكيل قوة سياسية مؤثرة؟ هل هذا هو فعلاً دور الأقلية تجاه الأغلبية وتجاه النظام الذي يتعامل معها بعنصرية من خلال منظومة قوانين وتشريعات وسياسات ممنهجة ومخططة؟ في السياق ذاته، كيف نفكك أيضاً خطاب الحقوق المدنية وحقوق المواطنة في الدولة اليهودية وما هي حدود هذه المواطنة لمن ليس يهودياً؟ هل تمثل القائمة المشتركة “إرادة شعب”، حقاً، كما يردد نوابها؟ وما هي إرادة هذا الشعب ومصالحه، فعلاً، مَن يحددها ويمثليها وكيف؟

للبدء بطرح بعض الأفكار الأولية التي من شأنها أن تشكل إجابات على هذه الأسئلة لاحقاً، يزعم هذا المقال أن القائمة المشتركة تمثل، بتشكيلها قبل خمسة أعوام، إنجازاً في تحقيق إمكانية العمل السياسي المشترك بين أطراف سياسية وحزبية وأيديولوجية متنافرة، ثم زيادة التمثيل العددي للمواطنين الفلسطينيين في الكنيست، بالتالي، لكنها تعبّر في الوقت ذاته عن حالة من الخديعة الذاتية والخديعة العامة لجمهورها في طرح خطاب واهم بالقدرة على التأثير وتوسيع حدود وسقف المواطنة الخاصة بالمواطنين الفلسطينيين في الدولة اليهودية.

لتدعيم هذا الادعاء، ثمة أهمية، في البداية، لتحليل نهج القائمة المشتركة وشعاراتها السياسية والاجتماعية وأداء ممثلي مركباتها الحزبية وقيادتها خلال الحملات الانتخابية وبعد انتهاء الانتخابات، في المنصات السياسية والإعلامية المختلفة، وذلك في الحيزين المجتمعي الداخلي، أي تجاه المجتمع الفلسطيني وجمهور ناخبيها، والإسرائيلي الخارجي، وأقصد بذلك المجتمع الإسرائيلي والأحزاب الإسرائيلية. يتمثل هذا النهج بشكله الأبرز فيما أسميه الانتقال في إطار السياسة الواقعية (Realpolitik) من نهج التكتيك، المتمثل في التحالف المبني على المصالح المشتركة والحفاظ على استمرارية الوجود الحزبي والتمثيل البرلماني للمواطنين الفلسطينيين في الكنيست مع تشكيل القائمة المشتركة عام 2015، إلى نهج جديد من “التكتكة” من خلال “خطاب التأثير”، أي التأثير السياسي من خلال إسقاط حكم اليمين ومنعه من البقاء في الحكم خلال الجولتين الانتخابيتين الأخيرتين 2019-2020. يمكننا تلخيص هذا الخطاب الجديد للقائمة المشتركة بمركّبين أساسيين مترابطين، إضافة إلى الترابط القائم بينهما وبين الدور الذي رسمته لنفسها في إعادة إحياء اليسار الإسرائيلي وقيادته وحماية الديمقراطية الإسرائيلية من تراجعها وتزايد فاشيتها. المركب الأول في هذا الخطاب، والذي يتكشف لنا من خلال الشعارات الانتخابية، هو خطاب التأثير والتغيير بمعني التأثير على السياسة الرسمية الاسرائيلية وتغيير الاتجاه الذي يقوده اليمين واليمين والمتطرف برئاسة بنيامين نتنياهو. فقد رفعت القائمة المشتركة في جولتيّ الانتخابات الأخيرتين شعارات واضحة تتمحور حول “إسقاط بنيامين نتنياهو، إسقاط ودحر اليمين” من السلطة. وخلال الانتخابات الأخيرة، التي جرت في بداية العام الحالي وبعد الإعلان عن صفقة القرن من قبل الإدارة الأمريكية، أضافت أيضاً شعار “إسقاط الصفقة” إلى الشعارات الأخرى السابقة. في هذا الصدد، ولتبرير هذه الشعارات، صوّرت القائمة المشتركة ضرورة زيادة تمثيلها في الكنيست كضمانة لتحقيق هذه الأهداف. أما المحور الثاني، فهو خطاب المشتركة تجاه المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل، أي جمهور المصوتين والمؤيدين المحتملين لها والذي تسعى القائمة إلى تمثيله. وهو خطاب يغلّب الهوية المدنية الإسرائيلية وحقوق المواطنة بمفهومها الضيق، المطلبي والخدماتي وتوزيع الميزانيات (الواقعية السياسية) مقابل تهميش الهوية الوطنية، الفردية والجمعية.

في الواقع العملي، لم تتحقق هذه الأهداف والوعودات بعد انتهاء الانتخابات وفوز القائمة المشتركة بخمسة عشر مقعداً في الكنيست الجديدة، أي أن الدور الذي رسمته لنفسها القائمة المشتركة في التأثير على التركيبة السياسية الإسرائيلية وتغييرها و/ أو لعب دور أكبر في إطارها، هو طموح غير واقعي (وَهْم التأثير) وأن الزيادة العددية في التمثيل البرلماني لا تؤدي إلى زيادة طردية، فورية ومباشرة، في الوزن الفعلي المأمول منها. ولعل ما حدث في الأسابيع الأخيرة وخلال المفاوضات لتشكيل الحكومة، ورغم التوصية التي قدمتها القائمة المشتركة على بيني غانتس، رئيس تحالف “أزرق أبيض”، إضافة إلى تحالف الأخير، أي غانتس، مع نتنياهو وتشكيل “حكومة طوارئ قومية”، يعطي إشارات واضحة بشأن حدود الدور السياسي الذي من الممكن أن تقبله الدولة اليهودية لمواطنيها الفلسطينيين ولممثليهم في برلمانها.

بالإضافة لما تقدم، وعلى المستوى الداخلي الفلسطيني، هنالك خطورة إضافية في تعظيم دور القائمة المشتركة من قبل مركباتها ذاتها وأعضائها على حساب الأجسام الوطنية الأخرى، وعلى رأسها لجنة المتابعة والحركات السياسية التي لا تسعى إلى الوصول للبرلمان (حركة “أبناء البلد”، مثلاً) والمقاطعين للانتخابات من أفراد ومجموعات، منظمة وغير منظمة. كذلك، ثمة خطورة أيضاً في تهميش أدوار هذه القوى السياسية والآراء المغايرة وحصر الحراك السياسي في القائمة المشتركة ومن خلالها، والذي يتم من خلال المؤسسة السياسية الإسرائيلية والتمثيل البرلماني رغم محدوديته وخصوصيته في إسرائيل. في هذا السياق، علينا أن نتذكر أن القائمة المشتركة هي قائمة انتخابية وليست حزباً ذا تاريخ سياسي وإيديولوجية واضحة وقاعدة شعبية ومؤسسات، بل هي جسم هجين معرض للتفكك بسبب قصورات في خطابها المشترك، آليات العمل واتخاذ القرارات بين مركباتها، واختلافات داخلية، فكرية وحزبية وشخصية وتنظيمية. وعليه، فهي تمثل، عملياً، من ينتخبها في سياق زمني وسياسي محدد فقط، ولا يمكنها أن تدعي أنها تشكل مشروعاً وطنياً جامعاً.

د. رلى هردل هي محاضرة في العلوم السياسية، كلية العلوم الاجتماعية، ورئيسة قسم الخدمة الاجتماعية في جامعة القدس، أبو ديس، القدس الشرقية.

רולא הרדל

מִנְבַּר

جاء تشكيل “القائمة المشتركة” للأحزاب السياسية الأربعة قبيل انتخابات الكنيست العشرين، والتي جرت في آذار 2015، كخطوة تكتيكية لضمان استمرار وجود هذه الأحزاب في الكنيست، على أثر رفع نسبة الحسم من 2% الى 3,25% في حينه، الأمر الذي شكل تهديداً حقيقياً لفرص هذه الأحزاب، أو بعضها في أقل تقدير، في عبور نسبة الحسم ودخول البرلمان الإسرائيلي. مرت منذ تشكيل القائمة المشتركة خمس سنوات جرت خلالها أربع جولات انتخابية للكنيست شاركت فيها القائمة المشتركة بشكل موحد ثلاث مرات (في انتخابات الكنيست الحادية والعشرين في نيسان 2019 انقسمت مركبات القائمة إلى قائمتين انتخابيتين). لن أناقش في هذا المقال القصير السياق الذي تشكلت فيه القائمة المشتركة ومنظومة المصالح السياسية، الحزبية والشخصية، التي كانت خلف ذلك ولا سيرورة تطور نهجها وأدائها داخل الكنيست وخارجه في المجالات المختلفة السياسية، الاجتماعية، الاقتصادية وغيرها من القضايا المجتمعية والتطورات المهمة في السياسة الحزبية الفلسطينية داخل اسرائيل، إنما أودّ هنا التركيز على جولتيّ الانتخابات الأخيرتين في أيلول 2019 وفي شباط 2020، بعد عودة الأحزاب الأربعة إلى خوض الانتخابات في قائمة انتخابية واحدة، وحيال التحولات التي نشهدها في خطاب القائمة المشتركة ونهجها ودورها. بكلمات أخرى، تستدعي التجربة التي أمامنا التوقف عندها لما تمثله من تطور راهن في العلاقة بين المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل وبين الدولة وسياساتها تجاههم، بالإضافة إلى النقاش الداخلي بين مركبات هذا الشعب وأفراده حول هويته الوطنية، مكانته ومواطنته في الدولة اليهودية وعلاقته بها وبالأغلبية اليهودية من المواطنين فيها.

تأخذنا هذه المقدمة إلى طرح جملة من الأسئلة المفتوحة للنقاش والتفكير والتي من شأنها أن تمثل بداية لاجتهاد سياسي، فكريّ ونظريّ، في إطار معرفيّ متعلق بالشعوب المقهورة والمستعمَرة في نضالها وتنظّمها وحراكها في ظل أنظمة استعمارية إقصائية: كيف نقرأ خطاب التأثير الذي رفعته القائمة المشتركة، التأثير على النظام السياسي من داخله والتأثير بمفهومه الأوسع على الأغلبية اليهودية؟ هل يمكن فعلاً لشعب يشكل “أقلية” (أصلانية في هذه الحالة)، في دولة تعرّف نفسها بتعريف عنصري وإقصائي لمن ليس يهودياً، تشكيل قوة سياسية مؤثرة؟ هل هذا هو فعلاً دور الأقلية تجاه الأغلبية وتجاه النظام الذي يتعامل معها بعنصرية من خلال منظومة قوانين وتشريعات وسياسات ممنهجة ومخططة؟ في السياق ذاته، كيف نفكك أيضاً خطاب الحقوق المدنية وحقوق المواطنة في الدولة اليهودية وما هي حدود هذه المواطنة لمن ليس يهودياً؟ هل تمثل القائمة المشتركة “إرادة شعب”، حقاً، كما يردد نوابها؟ وما هي إرادة هذا الشعب ومصالحه، فعلاً، مَن يحددها ويمثليها وكيف؟

للبدء بطرح بعض الأفكار الأولية التي من شأنها أن تشكل إجابات على هذه الأسئلة لاحقاً، يزعم هذا المقال أن القائمة المشتركة تمثل، بتشكيلها قبل خمسة أعوام، إنجازاً في تحقيق إمكانية العمل السياسي المشترك بين أطراف سياسية وحزبية وأيديولوجية متنافرة، ثم زيادة التمثيل العددي للمواطنين الفلسطينيين في الكنيست، بالتالي، لكنها تعبّر في الوقت ذاته عن حالة من الخديعة الذاتية والخديعة العامة لجمهورها في طرح خطاب واهم بالقدرة على التأثير وتوسيع حدود وسقف المواطنة الخاصة بالمواطنين الفلسطينيين في الدولة اليهودية.

لتدعيم هذا الادعاء، ثمة أهمية، في البداية، لتحليل نهج القائمة المشتركة وشعاراتها السياسية والاجتماعية وأداء ممثلي مركباتها الحزبية وقيادتها خلال الحملات الانتخابية وبعد انتهاء الانتخابات، في المنصات السياسية والإعلامية المختلفة، وذلك في الحيزين المجتمعي الداخلي، أي تجاه المجتمع الفلسطيني وجمهور ناخبيها، والإسرائيلي الخارجي، وأقصد بذلك المجتمع الإسرائيلي والأحزاب الإسرائيلية. يتمثل هذا النهج بشكله الأبرز فيما أسميه الانتقال في إطار السياسة الواقعية (Realpolitik) من نهج التكتيك، المتمثل في التحالف المبني على المصالح المشتركة والحفاظ على استمرارية الوجود الحزبي والتمثيل البرلماني للمواطنين الفلسطينيين في الكنيست مع تشكيل القائمة المشتركة عام 2015، إلى نهج جديد من “التكتكة” من خلال “خطاب التأثير”، أي التأثير السياسي من خلال إسقاط حكم اليمين ومنعه من البقاء في الحكم خلال الجولتين الانتخابيتين الأخيرتين 2019-2020. يمكننا تلخيص هذا الخطاب الجديد للقائمة المشتركة بمركّبين أساسيين مترابطين، إضافة إلى الترابط القائم بينهما وبين الدور الذي رسمته لنفسها في إعادة إحياء اليسار الإسرائيلي وقيادته وحماية الديمقراطية الإسرائيلية من تراجعها وتزايد فاشيتها. المركب الأول في هذا الخطاب، والذي يتكشف لنا من خلال الشعارات الانتخابية، هو خطاب التأثير والتغيير بمعني التأثير على السياسة الرسمية الاسرائيلية وتغيير الاتجاه الذي يقوده اليمين واليمين والمتطرف برئاسة بنيامين نتنياهو. فقد رفعت القائمة المشتركة في جولتيّ الانتخابات الأخيرتين شعارات واضحة تتمحور حول “إسقاط بنيامين نتنياهو، إسقاط ودحر اليمين” من السلطة. وخلال الانتخابات الأخيرة، التي جرت في بداية العام الحالي وبعد الإعلان عن صفقة القرن من قبل الإدارة الأمريكية، أضافت أيضاً شعار “إسقاط الصفقة” إلى الشعارات الأخرى السابقة. في هذا الصدد، ولتبرير هذه الشعارات، صوّرت القائمة المشتركة ضرورة زيادة تمثيلها في الكنيست كضمانة لتحقيق هذه الأهداف. أما المحور الثاني، فهو خطاب المشتركة تجاه المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل، أي جمهور المصوتين والمؤيدين المحتملين لها والذي تسعى القائمة إلى تمثيله. وهو خطاب يغلّب الهوية المدنية الإسرائيلية وحقوق المواطنة بمفهومها الضيق، المطلبي والخدماتي وتوزيع الميزانيات (الواقعية السياسية) مقابل تهميش الهوية الوطنية، الفردية والجمعية.

في الواقع العملي، لم تتحقق هذه الأهداف والوعودات بعد انتهاء الانتخابات وفوز القائمة المشتركة بخمسة عشر مقعداً في الكنيست الجديدة، أي أن الدور الذي رسمته لنفسها القائمة المشتركة في التأثير على التركيبة السياسية الإسرائيلية وتغييرها و/ أو لعب دور أكبر في إطارها، هو طموح غير واقعي (وَهْم التأثير) وأن الزيادة العددية في التمثيل البرلماني لا تؤدي إلى زيادة طردية، فورية ومباشرة، في الوزن الفعلي المأمول منها. ولعل ما حدث في الأسابيع الأخيرة وخلال المفاوضات لتشكيل الحكومة، ورغم التوصية التي قدمتها القائمة المشتركة على بيني غانتس، رئيس تحالف “أزرق أبيض”، إضافة إلى تحالف الأخير، أي غانتس، مع نتنياهو وتشكيل “حكومة طوارئ قومية”، يعطي إشارات واضحة بشأن حدود الدور السياسي الذي من الممكن أن تقبله الدولة اليهودية لمواطنيها الفلسطينيين ولممثليهم في برلمانها.

بالإضافة لما تقدم، وعلى المستوى الداخلي الفلسطيني، هنالك خطورة إضافية في تعظيم دور القائمة المشتركة من قبل مركباتها ذاتها وأعضائها على حساب الأجسام الوطنية الأخرى، وعلى رأسها لجنة المتابعة والحركات السياسية التي لا تسعى إلى الوصول للبرلمان (حركة “أبناء البلد”، مثلاً) والمقاطعين للانتخابات من أفراد ومجموعات، منظمة وغير منظمة. كذلك، ثمة خطورة أيضاً في تهميش أدوار هذه القوى السياسية والآراء المغايرة وحصر الحراك السياسي في القائمة المشتركة ومن خلالها، والذي يتم من خلال المؤسسة السياسية الإسرائيلية والتمثيل البرلماني رغم محدوديته وخصوصيته في إسرائيل. في هذا السياق، علينا أن نتذكر أن القائمة المشتركة هي قائمة انتخابية وليست حزباً ذا تاريخ سياسي وإيديولوجية واضحة وقاعدة شعبية ومؤسسات، بل هي جسم هجين معرض للتفكك بسبب قصورات في خطابها المشترك، آليات العمل واتخاذ القرارات بين مركباتها، واختلافات داخلية، فكرية وحزبية وشخصية وتنظيمية. وعليه، فهي تمثل، عملياً، من ينتخبها في سياق زمني وسياسي محدد فقط، ولا يمكنها أن تدعي أنها تشكل مشروعاً وطنياً جامعاً.

د. رلى هردل هي محاضرة في العلوم السياسية، كلية العلوم الاجتماعية، ورئيسة قسم الخدمة الاجتماعية في جامعة القدس، أبو ديس، القدس الشرقية.

Below are share buttons

גליונות אחרונים

לכל הגליונות