Below are share buttons

تمركُز المنظومة السياسية العربية: من السياسة الراديكالية إلى السياسة الإصلاحية

عدد 09,

تقود الجولات الانتخابية التي جرت خلال فترة السنة ونصف السنة الأخيرة، انتخابات الكنيست الـ 21، الكنيست الـ 22 والكنيست الـ 23، إلى تبصّرات عديدة بشأن التغيرات والتحولات التي حصلت خلال العقدين الأخيرين في المجتمع العربي الفلسطيني في إسرائيل. وهي تقود إلى تبصّرات، أيضًا، بشأن الخيارات المستقبلية لبناء معسكر سياسي جديد يضم عرباً ويهود، معًا، الهدف منه تغيير الثقافة السياسية السائدة في الدولة، سياسة إسرائيل تجاه الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني وكذلك تجاه مكانة الأقلية العربية في الدولة. أقيمت القائمة المشتركة في كانون الثاني/ يناير 2015 وفاخَر قادة الأحزاب التي شكّلتها بما وصفوه بأنه إنجاز تاريخي يشكل، في رأيهم، تجسيدًا لاستجابتهم لتطلعات الجمهور العربي الذي عبّر عن توقه إلى توحيد الصفوف منذ سنوات عديدة. ويرى رأي آخر في إقامة القائمة المشتركة نتيجة حتمية لرفع نسبة الحسم وخشية قادة الأحزاب الممثلة للجمهور العربي من عدم تجاوز عتبة الحسم، ما يعني فقدان تمثيلها البرلماني في الكنيست. وفي حين لا ينبغي التغاضي عن هذين التفسيرين، إلا أنني أرى أن إقامة القائمة المشتركة كانت، بالأساس، ردة فعل على كسر القالب كما حصل في السياسة القومية العربية، بصيغتها التجمعية (نسبة إلى “حزب التجمع الوطني الديمقراطي”). هذا الكسر النموذجي، الذي سأتوقف عنده بتوسع أدناه، يسبب ويجسد، في الوقت ذاته، سيرورات التمركُز (الانتقال نحو المركز ـ الوسط) الحاصلة بين الجمهور العربي منذ العام 2020، عقب تطورات وتحولات عديدة، في مقدمتها اندلاع “الربيع العربي”.

تغيَّر الخطاب السياسي السائد في السياسة العربية وتحوّل من خطاب راديكالي تقوده الحركة الإسلامية الشمالية، أوساط من “التجمع” وبقايا حركة “أبناء البلد”، إلى خطاب اندماجيّ، اجتماعيًا ومدنيًا، بدرجة أكبر. كان الخطاب الراديكالي قد سيطر على الحلبة السياسية العربية عقب تشرين الأول/ أكتوبر 2000 وبلغ ذروته مع نشر وثائق التصور المستقبلي في العام 2006. وقد انعكس هذا الخطاب في الهبوط الحاد في معدلات المشاركة والتصويت في انتخابات الكنيست، إطلاق حملات تدعو إلى مقاطعة الانتخابات وارتفاع في عدد منظمات المجتمع المدني. حيال سيطرة هذا الخطاب، بدأت أجزاء وازنة من المنظومة السياسية العربية تعتبر التمثيل البرلماني مسألة خلافية، بل اسـتأنف بعضها أيضًا على نجاعة هذا التمثيل ومدى فاعليته. أحد التعبيرات عن هذا التوجه ظهر في العام 2001، عشية الانتخابات لرئاسة الحكومة، بين مرشح اليسار الصهيوني إيهود براك، ومرشح اليمين، أريك شارون. في معركة الانتخابات إياها، صوّت 18% فقط من المواطنين العرب أصحاب حق الاقتراع ، بينما بقي الآخرون ملتزمين منازلهم، مما جعل الطريق أمام مرشح اليمين إلى مقر رئيس الحكومة مضمونة تمامًا، أكثر من أي وقت مضى. زد على هذا أن مبادرات مدنية مشتركة، عربية ـ يهودية، أصبحت غير ذات صلة أو قيمة، بل غير شرعية أصلًا، وتتعارض مع روح الفترة التي كان يجري التشديد فيها على التعزيز الداخلي للأقلية وبناء مؤسساتها السياسية المستقلة. وفوق هذا، كان من شأن هذا الخطاب أنه طمس الفوارق والحدود بين التيارات المختلفة في الحركة الصهيونية واعتبرها كتلة واحدة دون أي فرق أو اختلاف بين يسار، وسط ويمين. أي، لم تكن تمار زاندبرغ تختلف عن ياعيل جيرمان ولا عن موشي كحلون، بل ولا عن بتسلئيل سموتريتش.

مقابل ذلك، تعزز خطاب الاندماج مع اندلاع أحداث “الربيع العربي” وبلغ ذروته خلال السنة الأخيرة، بقيادة أيمن عودة، رئيس القائمة المشتركة. يعكس هذا الخطاب سيرورات التمركُز التي تجري في المنظومة السياسية العربية، كما في المجتمع العربي بوجه عام. ويرمي هذا الخطاب إلى رفع مكانة الجماهير العربية من خلال الاعتراف بشرعيتها السياسية وعبر تحسين أوضاعها الاجتماعية ـ الاقتصادية وحل المشاكل المؤرقة التي تقض مضجع الجمهور العربي. ويمايز هذا الخطاب بين التيارات المختلفة في داخل الحركة الصهيونية ويسعى، بناء على ذلك، إلى بناء جسور التعاون مع التيارات الوسطية واليسارية، بغية إنهاء حكم اليمين الذي لا يعترف بشرعية الجمهور العربي السياسية ويقود تشريعات قانونية عنصرية، عدائية وغير ديمقراطية ضد العرب. يقرّ هذا الخطاب، بصورة جزئية، بالواقع السياسي القائم ويرفع مطالب جوهرية لتغييره. ويطالب هذا الخطاب بحقوق جماعية إلى جانب قبوله المبدئي، في الوقت ذاته، بإطار المواطنة الإسرائيلية فيطالب بتحويله من إطار إقصائيّ قائم على الانتماء الإثني ـ القومي إلى إطار مدني ليبرالي واحتوائيّ.


تصوير: مارك نايمان

تزداد سيرورة التمركُز السياسي العربي حدةً ووضوحًا في هذه الفترة على خلفية تصريحات أيمن عودة بشأن رغبته (المشروطة) في أن يكون جزءًا من الائتلاف الحكومي، التوصية على بيني غانتس كمرشح لتشكلي حكومة جديدة ودعوة عودة إلى بناء معسكر ديمقراطي يشمل أوساطًا من الشارع اليهودي على قاعدة برنامج يشمل ثلاث نقاط مركزية أساسية: الحل السياسي ومعارضة الإجراءات الأحادية الجانب، المساواة التامة بين العرب واليهود والعدالة الاجتماعية ـ وهو برنامج يمكن أن يتبناه، بدرجات مختلفة، أي مواطن إسرائيلي يقف إلى اليسار من اليمين.

تلقى عملية التمركُز هذه قبولًا وتأييدًا في استطلاعات الرأي المختلفة التي تبيّن أن أغلبية المواطنين العرب أيّدت التوصية على غانتس، تؤيد الانضمام إلى الحكومة وتطالب أعضاء الكنيست العرب بالتركيز على القضايا المدنية، أكثر من الانشغال بالنزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني. ففي استطلاع للرأي أُجري في إطار حملة تشجيع التصويت في المجتمع العربي قبيل انتخابات الكنيست الـ 22، طُلب من المواطنين العرب المشاركين في الاستطلاع التعبير عن موقفهم بشأن توصية القائمة المشتركة على بيني غانتس، مرشح معسكر الوسط ـ اليسار، لرئاسة الحكومة. وأظهرت نتائج الاستطلاع أن أغلبية المواطنين العرب يوافقون، بل يدعمون، التوصية (56% تأييد، مقابل 8% معارضة). في الاستطلاع ذاته، سُئل المشاركون عن الأكثر أهمية في نظرهم: حل القضية الفلسطينية أم تحسين وضعهم الاقتصادي ـ الاجتماعي، فأجاب 62% منهم بأنه يجب العمل من أجل تحسين أوضاعهم الاقتصادية ـ الاجتماعية، مقابل 37% قالوا إن الأفضلية هي لحل النزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني. كما تبين في الاستطلاع نفسه، أيضًا، أن أغلبية الجمهور العربي تؤيد تصريحات أيمن عودة (52% تأييد، 17% تأييد بدرجة متوسطة وـ 31% لا يؤيدون). تُظهر نتائج الاستطلاع، إذن، التغيرات الحاصلة في السياسة العربية على نحو لا يقبل التأويل.

علاوة على هذا، تتجسد سيرورة التمركُز في التوصيتين اللتين قدمتهما القائمة المشتركة على بنيامين غانتس كمرشح لرئاسة الحكومة، بالرغم من تخاذله بصورة عامة وبالرغم من موقفه اللامبالي تجاه قيادة الجمهور العربي وتنصله من أولويات المواطنين العرب. معنى هذا، أن العرب اختاروا النزول إلى الملعب بدلًا من الجلوس بين جمهور المتفرجين أو على مقاعد البُدَلاء وانتظار فرصة أن يمنحهم المدرب المجال، (اختاروا) أن يكونوا لاعبين فعالين لدفع جدول أعمال سياسي بديل، يختلف عما هو موجود اليوم. أي أن الجزء الأكبر من المواطنين العرب قد اختار استراتيجية تحقيق المساواة التامة في الحقوق بين العرب واليهود، لكن في إطار المواطنة الإسرائيلية، واختار شركاء لا يتفقون مع روايته الوطنية بالضرورة، بل ويتناقضون مع بعض فرضياته الأساس.

في نهاية المطاف، يُسأل السؤال: هل هذه التغيرات والتحولات، وخصوصًا سيرورة التمركُز في الخارطة السياسية العربية، تشكل أرضًا خصبة للتعاون بين العرب واليهود؟ هل بإمكان هذا التغيير النموذجي بناء إطار سياسي يهودي ـ عربي يقترح بديلًا للحكم؟ وهل بمقدور معسكر كهذا تغيير دولة إسرائيل من الأساس ـ من كونها يهودية حصرية إقصائية إلى دولة مواطنين محتوِية؟

محمد خلايلة
محمد خلايلة هو طالب دكتوراة في كلية العلوم السياسية في جامعة حيفا ومحاضر في قسم التربية المدنية في كلية أورانيم.

محمد خلايلة

מִנְבַּר

تقود الجولات الانتخابية التي جرت خلال فترة السنة ونصف السنة الأخيرة، انتخابات الكنيست الـ 21، الكنيست الـ 22 والكنيست الـ 23، إلى تبصّرات عديدة بشأن التغيرات والتحولات التي حصلت خلال العقدين الأخيرين في المجتمع العربي الفلسطيني في إسرائيل. وهي تقود إلى تبصّرات، أيضًا، بشأن الخيارات المستقبلية لبناء معسكر سياسي جديد يضم عرباً ويهود، معًا، الهدف منه تغيير الثقافة السياسية السائدة في الدولة، سياسة إسرائيل تجاه الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني وكذلك تجاه مكانة الأقلية العربية في الدولة. أقيمت القائمة المشتركة في كانون الثاني/ يناير 2015 وفاخَر قادة الأحزاب التي شكّلتها بما وصفوه بأنه إنجاز تاريخي يشكل، في رأيهم، تجسيدًا لاستجابتهم لتطلعات الجمهور العربي الذي عبّر عن توقه إلى توحيد الصفوف منذ سنوات عديدة. ويرى رأي آخر في إقامة القائمة المشتركة نتيجة حتمية لرفع نسبة الحسم وخشية قادة الأحزاب الممثلة للجمهور العربي من عدم تجاوز عتبة الحسم، ما يعني فقدان تمثيلها البرلماني في الكنيست. وفي حين لا ينبغي التغاضي عن هذين التفسيرين، إلا أنني أرى أن إقامة القائمة المشتركة كانت، بالأساس، ردة فعل على كسر القالب كما حصل في السياسة القومية العربية، بصيغتها التجمعية (نسبة إلى “حزب التجمع الوطني الديمقراطي”). هذا الكسر النموذجي، الذي سأتوقف عنده بتوسع أدناه، يسبب ويجسد، في الوقت ذاته، سيرورات التمركُز (الانتقال نحو المركز ـ الوسط) الحاصلة بين الجمهور العربي منذ العام 2020، عقب تطورات وتحولات عديدة، في مقدمتها اندلاع “الربيع العربي”.

تغيَّر الخطاب السياسي السائد في السياسة العربية وتحوّل من خطاب راديكالي تقوده الحركة الإسلامية الشمالية، أوساط من “التجمع” وبقايا حركة “أبناء البلد”، إلى خطاب اندماجيّ، اجتماعيًا ومدنيًا، بدرجة أكبر. كان الخطاب الراديكالي قد سيطر على الحلبة السياسية العربية عقب تشرين الأول/ أكتوبر 2000 وبلغ ذروته مع نشر وثائق التصور المستقبلي في العام 2006. وقد انعكس هذا الخطاب في الهبوط الحاد في معدلات المشاركة والتصويت في انتخابات الكنيست، إطلاق حملات تدعو إلى مقاطعة الانتخابات وارتفاع في عدد منظمات المجتمع المدني. حيال سيطرة هذا الخطاب، بدأت أجزاء وازنة من المنظومة السياسية العربية تعتبر التمثيل البرلماني مسألة خلافية، بل اسـتأنف بعضها أيضًا على نجاعة هذا التمثيل ومدى فاعليته. أحد التعبيرات عن هذا التوجه ظهر في العام 2001، عشية الانتخابات لرئاسة الحكومة، بين مرشح اليسار الصهيوني إيهود براك، ومرشح اليمين، أريك شارون. في معركة الانتخابات إياها، صوّت 18% فقط من المواطنين العرب أصحاب حق الاقتراع ، بينما بقي الآخرون ملتزمين منازلهم، مما جعل الطريق أمام مرشح اليمين إلى مقر رئيس الحكومة مضمونة تمامًا، أكثر من أي وقت مضى. زد على هذا أن مبادرات مدنية مشتركة، عربية ـ يهودية، أصبحت غير ذات صلة أو قيمة، بل غير شرعية أصلًا، وتتعارض مع روح الفترة التي كان يجري التشديد فيها على التعزيز الداخلي للأقلية وبناء مؤسساتها السياسية المستقلة. وفوق هذا، كان من شأن هذا الخطاب أنه طمس الفوارق والحدود بين التيارات المختلفة في الحركة الصهيونية واعتبرها كتلة واحدة دون أي فرق أو اختلاف بين يسار، وسط ويمين. أي، لم تكن تمار زاندبرغ تختلف عن ياعيل جيرمان ولا عن موشي كحلون، بل ولا عن بتسلئيل سموتريتش.

مقابل ذلك، تعزز خطاب الاندماج مع اندلاع أحداث “الربيع العربي” وبلغ ذروته خلال السنة الأخيرة، بقيادة أيمن عودة، رئيس القائمة المشتركة. يعكس هذا الخطاب سيرورات التمركُز التي تجري في المنظومة السياسية العربية، كما في المجتمع العربي بوجه عام. ويرمي هذا الخطاب إلى رفع مكانة الجماهير العربية من خلال الاعتراف بشرعيتها السياسية وعبر تحسين أوضاعها الاجتماعية ـ الاقتصادية وحل المشاكل المؤرقة التي تقض مضجع الجمهور العربي. ويمايز هذا الخطاب بين التيارات المختلفة في داخل الحركة الصهيونية ويسعى، بناء على ذلك، إلى بناء جسور التعاون مع التيارات الوسطية واليسارية، بغية إنهاء حكم اليمين الذي لا يعترف بشرعية الجمهور العربي السياسية ويقود تشريعات قانونية عنصرية، عدائية وغير ديمقراطية ضد العرب. يقرّ هذا الخطاب، بصورة جزئية، بالواقع السياسي القائم ويرفع مطالب جوهرية لتغييره. ويطالب هذا الخطاب بحقوق جماعية إلى جانب قبوله المبدئي، في الوقت ذاته، بإطار المواطنة الإسرائيلية فيطالب بتحويله من إطار إقصائيّ قائم على الانتماء الإثني ـ القومي إلى إطار مدني ليبرالي واحتوائيّ.


تصوير: مارك نايمان

تزداد سيرورة التمركُز السياسي العربي حدةً ووضوحًا في هذه الفترة على خلفية تصريحات أيمن عودة بشأن رغبته (المشروطة) في أن يكون جزءًا من الائتلاف الحكومي، التوصية على بيني غانتس كمرشح لتشكلي حكومة جديدة ودعوة عودة إلى بناء معسكر ديمقراطي يشمل أوساطًا من الشارع اليهودي على قاعدة برنامج يشمل ثلاث نقاط مركزية أساسية: الحل السياسي ومعارضة الإجراءات الأحادية الجانب، المساواة التامة بين العرب واليهود والعدالة الاجتماعية ـ وهو برنامج يمكن أن يتبناه، بدرجات مختلفة، أي مواطن إسرائيلي يقف إلى اليسار من اليمين.

تلقى عملية التمركُز هذه قبولًا وتأييدًا في استطلاعات الرأي المختلفة التي تبيّن أن أغلبية المواطنين العرب أيّدت التوصية على غانتس، تؤيد الانضمام إلى الحكومة وتطالب أعضاء الكنيست العرب بالتركيز على القضايا المدنية، أكثر من الانشغال بالنزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني. ففي استطلاع للرأي أُجري في إطار حملة تشجيع التصويت في المجتمع العربي قبيل انتخابات الكنيست الـ 22، طُلب من المواطنين العرب المشاركين في الاستطلاع التعبير عن موقفهم بشأن توصية القائمة المشتركة على بيني غانتس، مرشح معسكر الوسط ـ اليسار، لرئاسة الحكومة. وأظهرت نتائج الاستطلاع أن أغلبية المواطنين العرب يوافقون، بل يدعمون، التوصية (56% تأييد، مقابل 8% معارضة). في الاستطلاع ذاته، سُئل المشاركون عن الأكثر أهمية في نظرهم: حل القضية الفلسطينية أم تحسين وضعهم الاقتصادي ـ الاجتماعي، فأجاب 62% منهم بأنه يجب العمل من أجل تحسين أوضاعهم الاقتصادية ـ الاجتماعية، مقابل 37% قالوا إن الأفضلية هي لحل النزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني. كما تبين في الاستطلاع نفسه، أيضًا، أن أغلبية الجمهور العربي تؤيد تصريحات أيمن عودة (52% تأييد، 17% تأييد بدرجة متوسطة وـ 31% لا يؤيدون). تُظهر نتائج الاستطلاع، إذن، التغيرات الحاصلة في السياسة العربية على نحو لا يقبل التأويل.

علاوة على هذا، تتجسد سيرورة التمركُز في التوصيتين اللتين قدمتهما القائمة المشتركة على بنيامين غانتس كمرشح لرئاسة الحكومة، بالرغم من تخاذله بصورة عامة وبالرغم من موقفه اللامبالي تجاه قيادة الجمهور العربي وتنصله من أولويات المواطنين العرب. معنى هذا، أن العرب اختاروا النزول إلى الملعب بدلًا من الجلوس بين جمهور المتفرجين أو على مقاعد البُدَلاء وانتظار فرصة أن يمنحهم المدرب المجال، (اختاروا) أن يكونوا لاعبين فعالين لدفع جدول أعمال سياسي بديل، يختلف عما هو موجود اليوم. أي أن الجزء الأكبر من المواطنين العرب قد اختار استراتيجية تحقيق المساواة التامة في الحقوق بين العرب واليهود، لكن في إطار المواطنة الإسرائيلية، واختار شركاء لا يتفقون مع روايته الوطنية بالضرورة، بل ويتناقضون مع بعض فرضياته الأساس.

في نهاية المطاف، يُسأل السؤال: هل هذه التغيرات والتحولات، وخصوصًا سيرورة التمركُز في الخارطة السياسية العربية، تشكل أرضًا خصبة للتعاون بين العرب واليهود؟ هل بإمكان هذا التغيير النموذجي بناء إطار سياسي يهودي ـ عربي يقترح بديلًا للحكم؟ وهل بمقدور معسكر كهذا تغيير دولة إسرائيل من الأساس ـ من كونها يهودية حصرية إقصائية إلى دولة مواطنين محتوِية؟

محمد خلايلة
محمد خلايلة هو طالب دكتوراة في كلية العلوم السياسية في جامعة حيفا ومحاضر في قسم التربية المدنية في كلية أورانيم.

Below are share buttons

גליונות אחרונים

לכל הגליונות