אחלאם כבהא.
Below are share buttons

لقاء مع أحلام كبها، عين السهلة

عدد 05,

أنا أمور كثيرة في جسد واحد

أنا أمّ

أنا ابنة

أنا امرأة

أنا زوجة

أنا أجنبيّة

أنا مسلمة

أنا ألمانية

أنا فلسطينية

وإضافة إلى كلّ هذه- أنا أيضًا إسرائيليّة
يسألونني: كيف تتعايش لديكِ كلّ هذه الهُويّات معًا؟ وهذا بالضبط ما أريد التحدّث عنه معكم.

هذا ما كتبته أحلام كبها في مستهلّ كتابها الأوّل الذي صدر في ألمانيا في العام 2012.

–ما هي الأسباب التي دفعتك للكتابة؟

نحن نعيش في عالم شائك؛ كلّ شيء معقّد هنا. بدأت بالكتابة لأنّني أردت تغيير العالم، وأن أبدأ بنفسي أوّلًا. لقد كتبت على الدوام، كتبت حول كل ما حصل لي، والأفكار والمناسبات، لكنني لم أنشر شيئا. بدأت بالكتابة بعدما تيقنت أنني “لست عاديّة”، وأن مسار حياتي متعرّج ومختلف، وأردت أن أعبر عنه، -وربما أن أفهمه- من خلال الكتابة.

–لماذا تكتبين باللغة الألمانيّة؟

سافر أبي للعمل في ألمانيا في منتصف ستّينيّات القرن الماضي، وعندما حملت أمي بي عادت إلى قريتها “يعبد” وهناك وُلدتُ. بعد حرب العام 1967، عدنا إلى ألمانيا وكان عمري آنذاك عامًا ونصف العام، وهناك كبرت وترعرعت، وهناك وُلِد إخوتي وأخواتي، وما زال جميع أفراد عائلتنا يعيشون في مدينة “شتوتغارت”. في البيت تحدّثنا اللغة الألمانيّة وأنا أعتبرها لغة الأمّ على الرغم من أنّها ليست كذلك. هذه اللغة التي أستطيع التعبير بها عن نفسي على أحسن وجه، وأنا أتحدّث كذلك اللغات العربيّة والإنجليزيّة والعبريّة، لكنّني أتحدّث مع أبنائي باللغة الألمانيّة، ولا أجيد الكتابة بلغة سواها.

–حدّثيني عن كتاباتك.

أقرأ كثيرًا، لا سيّما باللغة الألمانيّة، وأنا من المولعين بالقراءة. أتواصل مع عوالم أخرى وأتعلّم أمورًا كثيرة. اعتقدت أنّني أستطيع التواصل مع الناس من خلال الأدب. يكفيني أن أنجح في تغيير شخص أو شخصين، خطوة إثر خطوة. في البداية كتبت عن نفسي وعن حياتي، وقمت لاحقًا بإقحام أمور عامّة في كتابتي. كتبت عن الإسلام وكيف أراه، وعن فلسطين والوضع الذي نعيشه. الكتاب هو سيرة ذاتيّة تشمل قضايا سياسيّة أيضًا. فحتّى قصص الأطفال لا يمكن كتابتها دون إقحام السياسة فيها. كتبت عن طفولتي في ألمانيا، وعن حياتي منذ جئت إلى هنا قبل ثلاثين عامًا تقريبًا، حيث ما زال البعض يتعامل معي كأجنبيّة. يقولون هنا إنّ “قيصر” قد تزوّج من أجنبيّة، على الرغم من أنّني جزء من العائلة؛ يقولون لأولادي إنّ أمّهم ألمانيّة. وجدت أنّني غريبة في كلّ مكان، وبحثت عن وطني. عنوان كتابي هو: “لديّ بيت في كلّ مكان، لكنّني ما زلت أفتقد الوطن”. أملك منزلاً في ألمانيا، وآخر في فلسطين، ومنزلاً في إسرائيل، وحيثما ذهبت لا أشعر بالانتماء حتّى النهاية. ثارت حفيظتي في البداية لأنّهم لا يتقبّلونني، لكنّ الأمور تغيّرت. الآن هذا الأمر يضحكني نوعًا ما. هذا صحيح أنّني لست كسائر النساء في هذا المكان؛ فيّ من الغرب ومن الشرق؛ فيّ ألمانيّة وعربيّة. لا أشعر أنّني أعاني من أزمة هُويّة، بل على العكس من ذلك تمامًا، فهذا الأمر يمنحني قوّة خاصّة، وأكتب حوله وحول الدمج القائم داخلي بين الثقافتين. من خلال الكتابة اكتشفت ذاتي وهُويّتي، واكتشفت أنْ لا حاجة أن أكون مثلكِ. أنا هي أنا، ولا أريد أن أتغيّر، ولا أستطيع فعل ذلك. هذا كتاب حول الحرّيّة، لا حول الحرب والكراهِيَة. هذا الكتاب يتحدّث حول كيف نعيش معًا وكيف نكون أحرارًا.

–كيف استُقبل الكتاب في ألمانيا؟

ستُقبِل كتابي الأوّل بحفاوة بالغة. الكُتّاب الألمان قاموا بالترويج له بمبادرتهم، وتحدّثوا عنه في وسائل الإعلام. الكاتب الشهير جورج تينير كتب أنّه تأثّر عميقا من حقيقة أنّ امرأة عربيّة ومسلمة تكتب حول مواضيع حسّاسة، وعن الوضع في الشرق الأوسط. وأضاف أمراً لطيفًا إذ قال إنّ الكتاب يعاني من مشكلة واحدة هي أنّه لم يكتبه هو بنفسه. وصل هذا الكتاب إلى المرتبة السادسة عشرة في قائمة مبيعات الأدب الألمانيّ في موقع “أمازون” الإلكتروني. صدر الكتاب في العام 2012 ونجح للتوّ، لكنّني احتجت إلى عام كامل للعثور على ناشر. لم أكن على دراية بهذا العالَم، وعلاقاتي هناك كانت معدومة. بحثت عن طريق الإنترنت، ولحسن حظّي عثرت في النهاية على دار نشر وافقت على خوض المخاطرة. منذ إصدار الكتاب سافرت مرّات عديدة إلى ألمانيا، وشاركت في مناسبات قرأت فيها مقتطفات من الكتاب وتحدّثت مع الجمهور. في المرّة الأولى، كانت تلك مدينة شتوتغارت التي كرّمتني كابنة المدينة ونظّمت لي حفلًا عامًّا. اعتقدت أنّ عدد المشاركين لن يتعدّى العشرة إضافة إلى أبناء عائلتي وأصدقائي، لكنّ القاعة غصّت بالجمهور. بعدها قرأت من الكتاب في إحدى الكنائس. وقفت هناك مرتدية الحجاب وقرأت من الكتاب. شعرت بانفعال الجمهور، وقرّرت مواصلة الكتابة.

من شرفة بيتها الكائن في عين السهلة تطلّ أحلام على الجبال المحيطة بالقرية. من هنا لا يمكن رؤية جدار الفصل. تحيط بنا سلسلة خلّابة من البلدات والحقول: أمّ الفحم وكتسير، وبرطعة والخضيرة. ومن بعيد نرى لمعان البحر، ترنو إليه أحلام بنظرة جريئة، وتتحدّث عن تجاربها القاسية على الحواجز عندما تذهب لزيارة عائلتها في “يعبد”، القرية القريبة البعيدة. المرأة المتفائلة، الجميلة، الشجاعة التي تحلم بالحرّيّة تريد إعتاقنا جميعنا بواسطة الكتابة.

–ما هي مخطّطاتك المستقبليّة؟

أريد أن أكون صوت فلسطين، وأن أفعل شيئًا ما للتخفيف من معاناة أبناء شعبي. أريد تغيير الفكرة السائدة عنهم بأنّهم إرهابيّون ويعشقون القتل. هذا الأمر ليس صحيحًا البتّة. نحن شعب يحبّ الحياة، وكغيرنا نحلم ونفرح. أنتم اليهود عانيتم أيضًا، وما أريد أن أقوله للناس من خلال الكتابة أنّ التفاهم والتعايش بيننا ليس بالأمر المحال. أتحدّث بضع لغات ويمكنني التواصل مع الكثير من الناس. أنا مسلمة، والعالم لديه مشكلة مع الإسلام. أشعر أنّني أستطيع التحدّث باسم الدين الصحيح. الأمور التي يقوم بها بعضهم باسم الإسلام ليست صحيحة. ليس هذا هو الإسلام الحقيقيّ. هذا ليس ما علّمَنا إيّاه نبيّنا محمد. كلّ من يدّعي أنّه يعمل باسم الإسلام يقوم بتشويهه. درست مساقات خاصّة حول ديننا الحنيف كي أكون متضلّعة منه، وكي أسبر أغواره.

أنكبّ الآن على كتابة مؤلَّف يضمّ قصصًا إنسانيّة لا يمكن لها أن تحصل إلّا في هذا المكان، في إسرائيل وفلسطين. أبحث عن الناس وأتحدّث معهم، ومن ثَمّ أكتب قصصهم بطريقتي الخاصّة. كتبت عن امرأة وُلِدت في مخيّم الإبادة “أوشفيتس”، ولم تر ضوء الشمس لعامين كاملين. خبّأها طبيب ألمانيّ مع أهلها. في العام 1948 وصلَت مع عائلتها إلى البلاد، وهي تسكن اليوم في أمّ الفحم، إذ تزوّجت من أحد سكّانها قبل سنين عديدة واعتنقت الإسلام. تتحدّث مثلنا وتبدو امرأةً عربيّة بكلّ ملامحها. كنت في منزلها وروت لي حكايتها بلغة عربية طليقة، وأنا كتبتها بالألمانيّة. قصّة مدهشة ولا يمكن لها أن تحصل في مكان آخر.

كتبت عن المصوّر هيثم خطيب من بلعين الذي أصيب برصاصة في الرأس وما زال يصوّر ويوثّق ما يجري في قريته. أقوم بتجميع القصص الخاصّة، وأنسجها داخل السياسة وأُظهِر الجوانب الإنسانيّة فيها. أريد مواصلة الكتابة عن فلسطين وإسرائيل وعن اليهود والفلسطينيّين. أؤمن بقوّةِ الأدب إيمانًا جمًّا. الأدب باقٍ ما بقي الإنسان، وسيُقرأ حتّى بعد مماتنا. سيقرأه أبناؤنا وأحفادنا. إنّه خالد. عندما نبدأ بالكتابة ونعثر على الطريق، لا يمكننا التوقّف عن ذلك. هذه هي طريقتي للقيام بأمر ما من أجل شعبي وفي سبيل الناس بعامّة. تزخر الصحف بمقالات حول النزاع، وثمّة مئات من كتب التاريخ التي تقوم بتحليلنا، لكن كتبي فيها مَلمَس وصوت إنسانيّان، ويسهل من خلالها فهم ما يحصل للناس داخل هذا الصراع، وكيف يؤثّر على حيواتنا. يستطيع البروفيسور وربّة البيت فهمها. أرغب في ترجمة كتبي إلى اللغات العربيّة والعبريّة والإنجليزيّة. الجميع هنا يتحدّثون عن “التعايش”، ويصرّحون أنّهم يريدون السلام. لِمَ لا نبدأ إذًا بكتاب؟


الترجمة من العبرية: جلال حسن

  1. صدر كتابها الأول في المانيا عن دار النشر Esch Verlag سنة 2012، تحت عنوان ” في كل مكان لي بيت ورغم ذلك بلا وطن” Achlam Kabaha,überall zu Hause… und trotzdem heimatlos

احلام كبها هي كاتبة فلسطينية، ولدت في قرية يعبد وترعرعت في المانيا لأبوين هاجرا لهناك. تعيش في قرية عين السلهة في وادي عارة، وهي معلمة للغة الانجليزية وأم لثلاثة أولاد.


سارة أوساتسكي لزر

מִנְבַּר

أنا أمور كثيرة في جسد واحد

أنا أمّ

أنا ابنة

أنا امرأة

أنا زوجة

أنا أجنبيّة

أنا مسلمة

أنا ألمانية

أنا فلسطينية

وإضافة إلى كلّ هذه- أنا أيضًا إسرائيليّة
يسألونني: كيف تتعايش لديكِ كلّ هذه الهُويّات معًا؟ وهذا بالضبط ما أريد التحدّث عنه معكم.

هذا ما كتبته أحلام كبها في مستهلّ كتابها الأوّل الذي صدر في ألمانيا في العام 2012.

–ما هي الأسباب التي دفعتك للكتابة؟

نحن نعيش في عالم شائك؛ كلّ شيء معقّد هنا. بدأت بالكتابة لأنّني أردت تغيير العالم، وأن أبدأ بنفسي أوّلًا. لقد كتبت على الدوام، كتبت حول كل ما حصل لي، والأفكار والمناسبات، لكنني لم أنشر شيئا. بدأت بالكتابة بعدما تيقنت أنني “لست عاديّة”، وأن مسار حياتي متعرّج ومختلف، وأردت أن أعبر عنه، -وربما أن أفهمه- من خلال الكتابة.

–لماذا تكتبين باللغة الألمانيّة؟

سافر أبي للعمل في ألمانيا في منتصف ستّينيّات القرن الماضي، وعندما حملت أمي بي عادت إلى قريتها “يعبد” وهناك وُلدتُ. بعد حرب العام 1967، عدنا إلى ألمانيا وكان عمري آنذاك عامًا ونصف العام، وهناك كبرت وترعرعت، وهناك وُلِد إخوتي وأخواتي، وما زال جميع أفراد عائلتنا يعيشون في مدينة “شتوتغارت”. في البيت تحدّثنا اللغة الألمانيّة وأنا أعتبرها لغة الأمّ على الرغم من أنّها ليست كذلك. هذه اللغة التي أستطيع التعبير بها عن نفسي على أحسن وجه، وأنا أتحدّث كذلك اللغات العربيّة والإنجليزيّة والعبريّة، لكنّني أتحدّث مع أبنائي باللغة الألمانيّة، ولا أجيد الكتابة بلغة سواها.

–حدّثيني عن كتاباتك.

أقرأ كثيرًا، لا سيّما باللغة الألمانيّة، وأنا من المولعين بالقراءة. أتواصل مع عوالم أخرى وأتعلّم أمورًا كثيرة. اعتقدت أنّني أستطيع التواصل مع الناس من خلال الأدب. يكفيني أن أنجح في تغيير شخص أو شخصين، خطوة إثر خطوة. في البداية كتبت عن نفسي وعن حياتي، وقمت لاحقًا بإقحام أمور عامّة في كتابتي. كتبت عن الإسلام وكيف أراه، وعن فلسطين والوضع الذي نعيشه. الكتاب هو سيرة ذاتيّة تشمل قضايا سياسيّة أيضًا. فحتّى قصص الأطفال لا يمكن كتابتها دون إقحام السياسة فيها. كتبت عن طفولتي في ألمانيا، وعن حياتي منذ جئت إلى هنا قبل ثلاثين عامًا تقريبًا، حيث ما زال البعض يتعامل معي كأجنبيّة. يقولون هنا إنّ “قيصر” قد تزوّج من أجنبيّة، على الرغم من أنّني جزء من العائلة؛ يقولون لأولادي إنّ أمّهم ألمانيّة. وجدت أنّني غريبة في كلّ مكان، وبحثت عن وطني. عنوان كتابي هو: “لديّ بيت في كلّ مكان، لكنّني ما زلت أفتقد الوطن”. أملك منزلاً في ألمانيا، وآخر في فلسطين، ومنزلاً في إسرائيل، وحيثما ذهبت لا أشعر بالانتماء حتّى النهاية. ثارت حفيظتي في البداية لأنّهم لا يتقبّلونني، لكنّ الأمور تغيّرت. الآن هذا الأمر يضحكني نوعًا ما. هذا صحيح أنّني لست كسائر النساء في هذا المكان؛ فيّ من الغرب ومن الشرق؛ فيّ ألمانيّة وعربيّة. لا أشعر أنّني أعاني من أزمة هُويّة، بل على العكس من ذلك تمامًا، فهذا الأمر يمنحني قوّة خاصّة، وأكتب حوله وحول الدمج القائم داخلي بين الثقافتين. من خلال الكتابة اكتشفت ذاتي وهُويّتي، واكتشفت أنْ لا حاجة أن أكون مثلكِ. أنا هي أنا، ولا أريد أن أتغيّر، ولا أستطيع فعل ذلك. هذا كتاب حول الحرّيّة، لا حول الحرب والكراهِيَة. هذا الكتاب يتحدّث حول كيف نعيش معًا وكيف نكون أحرارًا.

–كيف استُقبل الكتاب في ألمانيا؟

ستُقبِل كتابي الأوّل بحفاوة بالغة. الكُتّاب الألمان قاموا بالترويج له بمبادرتهم، وتحدّثوا عنه في وسائل الإعلام. الكاتب الشهير جورج تينير كتب أنّه تأثّر عميقا من حقيقة أنّ امرأة عربيّة ومسلمة تكتب حول مواضيع حسّاسة، وعن الوضع في الشرق الأوسط. وأضاف أمراً لطيفًا إذ قال إنّ الكتاب يعاني من مشكلة واحدة هي أنّه لم يكتبه هو بنفسه. وصل هذا الكتاب إلى المرتبة السادسة عشرة في قائمة مبيعات الأدب الألمانيّ في موقع “أمازون” الإلكتروني. صدر الكتاب في العام 2012 ونجح للتوّ، لكنّني احتجت إلى عام كامل للعثور على ناشر. لم أكن على دراية بهذا العالَم، وعلاقاتي هناك كانت معدومة. بحثت عن طريق الإنترنت، ولحسن حظّي عثرت في النهاية على دار نشر وافقت على خوض المخاطرة. منذ إصدار الكتاب سافرت مرّات عديدة إلى ألمانيا، وشاركت في مناسبات قرأت فيها مقتطفات من الكتاب وتحدّثت مع الجمهور. في المرّة الأولى، كانت تلك مدينة شتوتغارت التي كرّمتني كابنة المدينة ونظّمت لي حفلًا عامًّا. اعتقدت أنّ عدد المشاركين لن يتعدّى العشرة إضافة إلى أبناء عائلتي وأصدقائي، لكنّ القاعة غصّت بالجمهور. بعدها قرأت من الكتاب في إحدى الكنائس. وقفت هناك مرتدية الحجاب وقرأت من الكتاب. شعرت بانفعال الجمهور، وقرّرت مواصلة الكتابة.

من شرفة بيتها الكائن في عين السهلة تطلّ أحلام على الجبال المحيطة بالقرية. من هنا لا يمكن رؤية جدار الفصل. تحيط بنا سلسلة خلّابة من البلدات والحقول: أمّ الفحم وكتسير، وبرطعة والخضيرة. ومن بعيد نرى لمعان البحر، ترنو إليه أحلام بنظرة جريئة، وتتحدّث عن تجاربها القاسية على الحواجز عندما تذهب لزيارة عائلتها في “يعبد”، القرية القريبة البعيدة. المرأة المتفائلة، الجميلة، الشجاعة التي تحلم بالحرّيّة تريد إعتاقنا جميعنا بواسطة الكتابة.

–ما هي مخطّطاتك المستقبليّة؟

أريد أن أكون صوت فلسطين، وأن أفعل شيئًا ما للتخفيف من معاناة أبناء شعبي. أريد تغيير الفكرة السائدة عنهم بأنّهم إرهابيّون ويعشقون القتل. هذا الأمر ليس صحيحًا البتّة. نحن شعب يحبّ الحياة، وكغيرنا نحلم ونفرح. أنتم اليهود عانيتم أيضًا، وما أريد أن أقوله للناس من خلال الكتابة أنّ التفاهم والتعايش بيننا ليس بالأمر المحال. أتحدّث بضع لغات ويمكنني التواصل مع الكثير من الناس. أنا مسلمة، والعالم لديه مشكلة مع الإسلام. أشعر أنّني أستطيع التحدّث باسم الدين الصحيح. الأمور التي يقوم بها بعضهم باسم الإسلام ليست صحيحة. ليس هذا هو الإسلام الحقيقيّ. هذا ليس ما علّمَنا إيّاه نبيّنا محمد. كلّ من يدّعي أنّه يعمل باسم الإسلام يقوم بتشويهه. درست مساقات خاصّة حول ديننا الحنيف كي أكون متضلّعة منه، وكي أسبر أغواره.

أنكبّ الآن على كتابة مؤلَّف يضمّ قصصًا إنسانيّة لا يمكن لها أن تحصل إلّا في هذا المكان، في إسرائيل وفلسطين. أبحث عن الناس وأتحدّث معهم، ومن ثَمّ أكتب قصصهم بطريقتي الخاصّة. كتبت عن امرأة وُلِدت في مخيّم الإبادة “أوشفيتس”، ولم تر ضوء الشمس لعامين كاملين. خبّأها طبيب ألمانيّ مع أهلها. في العام 1948 وصلَت مع عائلتها إلى البلاد، وهي تسكن اليوم في أمّ الفحم، إذ تزوّجت من أحد سكّانها قبل سنين عديدة واعتنقت الإسلام. تتحدّث مثلنا وتبدو امرأةً عربيّة بكلّ ملامحها. كنت في منزلها وروت لي حكايتها بلغة عربية طليقة، وأنا كتبتها بالألمانيّة. قصّة مدهشة ولا يمكن لها أن تحصل في مكان آخر.

كتبت عن المصوّر هيثم خطيب من بلعين الذي أصيب برصاصة في الرأس وما زال يصوّر ويوثّق ما يجري في قريته. أقوم بتجميع القصص الخاصّة، وأنسجها داخل السياسة وأُظهِر الجوانب الإنسانيّة فيها. أريد مواصلة الكتابة عن فلسطين وإسرائيل وعن اليهود والفلسطينيّين. أؤمن بقوّةِ الأدب إيمانًا جمًّا. الأدب باقٍ ما بقي الإنسان، وسيُقرأ حتّى بعد مماتنا. سيقرأه أبناؤنا وأحفادنا. إنّه خالد. عندما نبدأ بالكتابة ونعثر على الطريق، لا يمكننا التوقّف عن ذلك. هذه هي طريقتي للقيام بأمر ما من أجل شعبي وفي سبيل الناس بعامّة. تزخر الصحف بمقالات حول النزاع، وثمّة مئات من كتب التاريخ التي تقوم بتحليلنا، لكن كتبي فيها مَلمَس وصوت إنسانيّان، ويسهل من خلالها فهم ما يحصل للناس داخل هذا الصراع، وكيف يؤثّر على حيواتنا. يستطيع البروفيسور وربّة البيت فهمها. أرغب في ترجمة كتبي إلى اللغات العربيّة والعبريّة والإنجليزيّة. الجميع هنا يتحدّثون عن “التعايش”، ويصرّحون أنّهم يريدون السلام. لِمَ لا نبدأ إذًا بكتاب؟


الترجمة من العبرية: جلال حسن

  1. صدر كتابها الأول في المانيا عن دار النشر Esch Verlag سنة 2012، تحت عنوان ” في كل مكان لي بيت ورغم ذلك بلا وطن” Achlam Kabaha,überall zu Hause… und trotzdem heimatlos

احلام كبها هي كاتبة فلسطينية، ولدت في قرية يعبد وترعرعت في المانيا لأبوين هاجرا لهناك. تعيش في قرية عين السلهة في وادي عارة، وهي معلمة للغة الانجليزية وأم لثلاثة أولاد.


Below are share buttons

גליונות אחרונים

לכל הגליונות