שייח'ה חוסיין חליווי.
Below are share buttons

شيخة حسين حليوي

عدد 05,

نصوص متأخّرة

تأخّرت نصوصي فعلا. هي بالكاد تحفظ لائحة المواعيد وبالكاد تجدُ مقعدا شاغرا. في الطريق كنت أقرأ كلّ اللافتات وكلّ الكتب المحروقة وأسجّل انبهاري على بطاقة السفر.

تأخّرت نصوصي التي تقرؤني. ربّما لأنّ أبي مات دون ألم؟ ربّما لأنّ أمّي ما زالت تتألّم (ليس عليه). أو ربّما لأنّني سجّلت مسافة اطمئنان كافية بيني وبين أخي. قد أكون اكتسبتُ بعض الشجاعة في الطريق وقد أكون العكس تماما.

هي قناعة بأنّ هذه النصوص قد لا تضرُّ من حيث لم تنفع. حكمة قديمة اكتسبتها من تذوّق الأعشاب الغريبة في طريق المدرسة. للتسلية فقط.

ما زالت كتفي تصطدم بالحائط وتظنّه صديقا قديما. وما زلت أسجل انبهاري من الكتب المحروقة على صفحة فارغة في هاتفي الجوّال

نصّ غير معقّد

أحاوِلُ افتعال التعقيد في بعض سلوكيّاتي وبعض كتاباتي. أعرف مسبقا أنّني لا أجيده، مُفتعلا حتّى. لا أجيدُ قراءته أيضا. خريف البطريرك قرأته في خريفيْن ولعنت ماركيز عشرين مرّة. الأفلام الّتي لا تسير على خطّ مستقيم أقتلُ فيها البطل قبل النهاية وأغفو. القصيدة المغلّفة بمليون سبب للجنون أتركها، وأحترمها بالضرورة. الرواية المجنونة أجالسها مرغمة، احتراما لذاتي.

أقول في نفسي: كيف لي انّ أحلَّ معادلتيْن بعقلٍ واحد: حياتي المتعثّرة بثلاثة مجاهيل وحياة نصٍّ وقحٍ موارِب؟

حاسّتي السادسة لا أسخّرها لشؤون النصّ ودلالاته. أحتاجها معافاة في حروب أكثر موتا من نصّ ميّت.

أحتاجها وأنا أحاول استحضاري بين النهر والشارع: مَنْ كان على يمين مَنْ؟ ومَنْ كان يُخيفني أكثر عبور النهر أم عبور الشارع؟

لا أبحثُ حاليا عن دلالات الجهات في النصّ.

دلالات الحياة تغريني أكثر.

كتابة

وأنا أكتب لا يساندني جيش من النساء وإن صفّقن لي عند النقطة. ورائي امرأة مكسورة وأخرى خائفة وأربع أخريات يتناوبن في دور عمود وهميّ يصل مباشرة إلى الجنة. أنا من حظّي أنّني أعرفُهنّ.

مِنْ حظّهن أنّهن لا يتذكّرْن وجهي.

حجارة مدبّبة

أحبُّ رائحة النعنع الأخضر ورائحة الصباح في شهر نيسان وأعشق الموسيقى الأنيقة والملابس الراقية والأحاديث الراقيّة وذكاء الرجال بعد الستين وطيبة النساء بعد المائة وصوت البنات بعمر سنتين والبحر المعمّر والسهول المحتفية بامتدادها وأوروبا غير العنصريّة والفرنسيّة حينما أتقنها…وقصائد تافهة عن الرومانسيّة (بالعربيّة( وحين أكتب استخدم حجارة مدبّبة منحوتة من جبل شبه مقدّس. ولا أستعيرُ أيّة فراشة من أعشاشها.

أزمة نصّ

أزمة نصّ أعيشها منذ يومين. أبحث عن إطار لتجنيسه. “نصّكِ لا جنس له” يعني لا جنس أدبيّ له. لا هو شعر ولا هو نثر. هكذا ألمح لي بعض الأصدقاء الجادّين. لا أعرفُ: هل أسكبُ النصّ في قالب جاهز؟ أم أرسمُ بيدي قالبا حول النصّ الجاهز؟ أيُّ الزوايا سأقطعها وأيّها سأجعلها دائريّة؟ قد اضطرّ لحذف كلمة أو عبارة دخيلة.

لا أعرف. ماذا سأفعل بالدلالة المحذوفة؟ وإن طال الحدثُ والشخصيّات بلا روحٍ هل أغلق الحدثَ على نهاية تراجيديّة؟ وإذا كنت سأبدأ “بفعلِ” ماضٍ كئيبٍ ثمّ “تنحرفُ” الجملة بفعلِ مضارعٍ متسلّطٍ هل سيكتملُ فعلُ المأساة؟

قد تموتُ الموسيقى ويختلّ الوزنُ في بعض المقاطع. وتكون صاخبة مزعجة في مقطعٍ آخر. لا أملكُ الكثير من المفردات الشعريّة حقيقة. بعضُ عمري قضيته في بيئة صخريّة مفرداتها على شكل حجارة مدبّبة وبعض عمري أقضيه في ترويض هذه الحجارة.

قالوا:يجب أن يكون عندك مشروع مكتمل. مشروع كتابة مكتمل. وأنا منذ طفولتي مشغولة بمشروع واحد متعثّر لا علاقة له بالنصّ أو الكتابة. هو مشروع حياة، الهمّ فيه خارج القالب، الألم غير مجنّس والفرح تناصّ فحسب.

انتهت أزمتي مع النصّ.


  • ترجمة من العربية: عيدن برير

شيخة حسين حليوي الكاتبة شيخة حسين حليوي من مواليد قرية بدوية تمّ هدمها في عام 1991 قريبة من المستوطنة اليهوديّة كفار حروشت.
درست في مدارس حيفا ثم تزوجت وانتقلت إلى يافا. تعيش فيها منذ العام 1989
درست للقبين الأوّل والثاني في جامعة تل أبيب تخصّص لغة عربيّة.تعمل في التدريس والإرشاد والمناهج التعليميّة. تكتب القصّة والشعر والمقالة. تنشر في صحف ومواقع عربيّة. ترجم لها أكثر من نصّ للعبريّة. قريبا تصدر لها مجموعة نصوص سرديّة عن دار الأهليّة في عمّان. (هذه النصوص مأخوذة من المجموعة).
وتعكف على إصدار مجموعة قصص قصيرة قريبا جدّا.

نصوص متأخّرة

تأخّرت نصوصي فعلا. هي بالكاد تحفظ لائحة المواعيد وبالكاد تجدُ مقعدا شاغرا. في الطريق كنت أقرأ كلّ اللافتات وكلّ الكتب المحروقة وأسجّل انبهاري على بطاقة السفر.

تأخّرت نصوصي التي تقرؤني. ربّما لأنّ أبي مات دون ألم؟ ربّما لأنّ أمّي ما زالت تتألّم (ليس عليه). أو ربّما لأنّني سجّلت مسافة اطمئنان كافية بيني وبين أخي. قد أكون اكتسبتُ بعض الشجاعة في الطريق وقد أكون العكس تماما.

هي قناعة بأنّ هذه النصوص قد لا تضرُّ من حيث لم تنفع. حكمة قديمة اكتسبتها من تذوّق الأعشاب الغريبة في طريق المدرسة. للتسلية فقط.

ما زالت كتفي تصطدم بالحائط وتظنّه صديقا قديما. وما زلت أسجل انبهاري من الكتب المحروقة على صفحة فارغة في هاتفي الجوّال

نصّ غير معقّد

أحاوِلُ افتعال التعقيد في بعض سلوكيّاتي وبعض كتاباتي. أعرف مسبقا أنّني لا أجيده، مُفتعلا حتّى. لا أجيدُ قراءته أيضا. خريف البطريرك قرأته في خريفيْن ولعنت ماركيز عشرين مرّة. الأفلام الّتي لا تسير على خطّ مستقيم أقتلُ فيها البطل قبل النهاية وأغفو. القصيدة المغلّفة بمليون سبب للجنون أتركها، وأحترمها بالضرورة. الرواية المجنونة أجالسها مرغمة، احتراما لذاتي.

أقول في نفسي: كيف لي انّ أحلَّ معادلتيْن بعقلٍ واحد: حياتي المتعثّرة بثلاثة مجاهيل وحياة نصٍّ وقحٍ موارِب؟

حاسّتي السادسة لا أسخّرها لشؤون النصّ ودلالاته. أحتاجها معافاة في حروب أكثر موتا من نصّ ميّت.

أحتاجها وأنا أحاول استحضاري بين النهر والشارع: مَنْ كان على يمين مَنْ؟ ومَنْ كان يُخيفني أكثر عبور النهر أم عبور الشارع؟

لا أبحثُ حاليا عن دلالات الجهات في النصّ.

دلالات الحياة تغريني أكثر.

كتابة

وأنا أكتب لا يساندني جيش من النساء وإن صفّقن لي عند النقطة. ورائي امرأة مكسورة وأخرى خائفة وأربع أخريات يتناوبن في دور عمود وهميّ يصل مباشرة إلى الجنة. أنا من حظّي أنّني أعرفُهنّ.

مِنْ حظّهن أنّهن لا يتذكّرْن وجهي.

حجارة مدبّبة

أحبُّ رائحة النعنع الأخضر ورائحة الصباح في شهر نيسان وأعشق الموسيقى الأنيقة والملابس الراقية والأحاديث الراقيّة وذكاء الرجال بعد الستين وطيبة النساء بعد المائة وصوت البنات بعمر سنتين والبحر المعمّر والسهول المحتفية بامتدادها وأوروبا غير العنصريّة والفرنسيّة حينما أتقنها…وقصائد تافهة عن الرومانسيّة (بالعربيّة( وحين أكتب استخدم حجارة مدبّبة منحوتة من جبل شبه مقدّس. ولا أستعيرُ أيّة فراشة من أعشاشها.

أزمة نصّ

أزمة نصّ أعيشها منذ يومين. أبحث عن إطار لتجنيسه. “نصّكِ لا جنس له” يعني لا جنس أدبيّ له. لا هو شعر ولا هو نثر. هكذا ألمح لي بعض الأصدقاء الجادّين. لا أعرفُ: هل أسكبُ النصّ في قالب جاهز؟ أم أرسمُ بيدي قالبا حول النصّ الجاهز؟ أيُّ الزوايا سأقطعها وأيّها سأجعلها دائريّة؟ قد اضطرّ لحذف كلمة أو عبارة دخيلة.

لا أعرف. ماذا سأفعل بالدلالة المحذوفة؟ وإن طال الحدثُ والشخصيّات بلا روحٍ هل أغلق الحدثَ على نهاية تراجيديّة؟ وإذا كنت سأبدأ “بفعلِ” ماضٍ كئيبٍ ثمّ “تنحرفُ” الجملة بفعلِ مضارعٍ متسلّطٍ هل سيكتملُ فعلُ المأساة؟

قد تموتُ الموسيقى ويختلّ الوزنُ في بعض المقاطع. وتكون صاخبة مزعجة في مقطعٍ آخر. لا أملكُ الكثير من المفردات الشعريّة حقيقة. بعضُ عمري قضيته في بيئة صخريّة مفرداتها على شكل حجارة مدبّبة وبعض عمري أقضيه في ترويض هذه الحجارة.

قالوا:يجب أن يكون عندك مشروع مكتمل. مشروع كتابة مكتمل. وأنا منذ طفولتي مشغولة بمشروع واحد متعثّر لا علاقة له بالنصّ أو الكتابة. هو مشروع حياة، الهمّ فيه خارج القالب، الألم غير مجنّس والفرح تناصّ فحسب.

انتهت أزمتي مع النصّ.


  • ترجمة من العربية: عيدن برير

شيخة حسين حليوي الكاتبة شيخة حسين حليوي من مواليد قرية بدوية تمّ هدمها في عام 1991 قريبة من المستوطنة اليهوديّة كفار حروشت.
درست في مدارس حيفا ثم تزوجت وانتقلت إلى يافا. تعيش فيها منذ العام 1989
درست للقبين الأوّل والثاني في جامعة تل أبيب تخصّص لغة عربيّة.تعمل في التدريس والإرشاد والمناهج التعليميّة. تكتب القصّة والشعر والمقالة. تنشر في صحف ومواقع عربيّة. ترجم لها أكثر من نصّ للعبريّة. قريبا تصدر لها مجموعة نصوص سرديّة عن دار الأهليّة في عمّان. (هذه النصوص مأخوذة من المجموعة).
وتعكف على إصدار مجموعة قصص قصيرة قريبا جدّا.

Below are share buttons

גליונות אחרונים

לכל הגליונות